×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ويكون الإحسان بين العبد وبين الناس، ببذل الندى، وكف الأذى عنهم. ويكون الإحسان بين العبد وبين المخلوقين. فالإحسان عام.

وقيل: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَبۡلَ ذَٰلِكَ مُحۡسِنِينَ [الذاريات: 16] أي: قبل أن تُفْرَض عليهم الفرائض، وهم يعبدون الله عز وجل بأنواع العبادات. فلما فُرِضت الفرائض التزموا بها وأَدَّوها، فكانوا على صلة مع الله سبحانه وتعالى.

وقيل: إن هذا في الآخرة - كما سبق - وهذا هو الذي يَظهر - والله أعلم -.

ومن إحسانهم أنهم ﴿كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ [الذاريات: 17] يتهجدون في الليل.

و ﴿مَا قيل: إنها نافية ([1])، أي: كانوا قليلاً لا يهجعون فيه من الليل، أي: يُصَلُّون من الليل، ولو قليلاً، ولا يتركون قيام الليل ولو قليلاً، حتى جاء عن بعض السلف: «صَلاَةٌ مِنَ اللَّيْلِ وَلَوْ قَدْرُ حَلْبِ شَاةٍ» ([2])، فالإنسان لا يحتقر قيام الليل، حتى ولو قليلاً، فيداوم عليه؛ لأن خير العمل وأحبه إلى الله ما داوم عليه صاحبه ([3]).

فتكون ﴿مَاهنا بمعنى «لا»، والتقدير - والله أعلم -: كانوا لا يهجعون قليلاً من الليل، يقومون فيه لربهم سبحانه وتعالى، وينامون غالب الليل، ولا حرج عليهم في ذلك.

وقيل: إن ﴿مَا مصدرية تُسْبَك مع ما بعدها بمصدر، أي: كان قليلاً هجوعهم، وأكثره يُصَلُّون، فيُكثرون من قيام الليل، ولا ينامون إلاَّ قليلاً منه.


الشرح

([1])  انظر: شرح شذور الذهب (1/ 473)، وشرح قطر الندى وبَلّ الصَّدَى (1/ 142).

([2])  أخرجه: البيهقي في ((الشعب)) رقم (2946).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (6464)، ومسلم رقم (783).