كُلٌّ قد اطمأنت نفسه،
ورَضِي بما هو فيه وطابت به نفسه وقَرَّتْ عينه، مع تفاوت ما بينهم في الدرجات.
والثاني:
﴿ءَاخِذِينَ
مَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡۚ﴾
في الدنيا؛ لأن هذا هو السبب الذي أدخلهم الجنة، وهو أَخْذهم ما آتاهم في الدنيا
مِن فعل أوامره سبحانه وتعالى وتَرْك نواهيه، يمتثلونها؛ كما قال عز وجل: ﴿وَمَآ
ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ﴾ [الحشر: 7].
فمعنى
﴿ءَاخِذِينَ
مَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡۚ﴾أي:
في الدنيا؛ لأنهم يأخذون أوامر الله فيفعلونها، ويأخذون نواهي الله فيتركونها.
ولكن الراجح - والله أعلم - المعنى الأول؛ لأن المعنى الثاني سيأتي في قوله عز وجل:
﴿إِنَّهُمۡ
كَانُواْ قَبۡلَ ذَٰلِكَ﴾،
أي: في الدنيا، ﴿مُحۡسِنِينَ﴾
في أنهم أطاعوا الله، ورسوله، وتَقَبَّلوا شرع الله سبحانه وتعالى وعَمِلوا
لآخرتهم.
والإحسان:
هو إتقان الشيء وإتمامه؛ كما قال عز وجل: ﴿وَأَحۡسِنُوٓاْۚ
إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾
[البقرة: 195]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِْحْسَانَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا
ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ» ([1])،
أي: أتقِنوها، وأريحوا المذبوح والمقتول، لا تعذبوه.
فالإحسان
يراد به الإتقان في كل شيء.
ويطلق
الإحسان على بذل الخير.
والإحسان فيما بين العبد وبين ربه، بأن يعبده كأنه يراه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ([2])، فيعبده على اليقين والمشاهدة بالقلب كأنه يرى الله سبحانه وتعالى، وهو أعلى درجات الدين.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1955).