﴿وِقۡرٗا﴾ أي: ثِقَلاً؛ لغزارة المياه التي فيها؛ ولهذا تفيض منها
الأودية الكبار، فتمتلئ منها مخازن الأرض، وقد يُغْرِق الله بها أممًا من البشر؛
لأنها تَحمل ماءً غزيرًا، وهو الوِقر.
ثم
قال عز وجل: ﴿فَٱلۡجَٰرِيَٰتِ
يُسۡرٗا﴾، قيل: الجاريات هي السفن في
البحار؛ كما قال عز وجل: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلۡجَوَارِ فِي ٱلۡبَحۡرِ كَٱلۡأَعۡلَٰمِ﴾ [الشورى: 32]، فالجواري هي: السفن والمراكب البحرية
التي تسير على عُبَاب الماء بواسطة الرياح وتَحمل الأثقال، أو تسير بالوقود -
كالحال الآن -.
وهذا
من آيات الله سبحانه وتعالى ! كيف الماء الرقيق تسير فوقه هذه المراكب والبواخر
الهائلة، ولا تغرق؟! فحَمْل الماء لها من قدرة الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا أقسم
الله عز وجل بها لأنها تدل على قدرته سبحانه وتعالى.
﴿يُسۡرٗا﴾، أي تسير سهلة السير، ليس فيها صعوبة، بل تسير سيرًا
متيسرًا سهلاً، لا يُحِس به الإنسان، إلاَّ إذا أراد الله بها شيئًا، فإنها تأتيها
الأمواج والعواصف، فتَغرق حتى ولو كانت مراكب ضخمة؛ لأن الله عز وجل لا يعجزه شيء.
وقيل:
المراد بـ ﴿فَٱلۡجَٰرِيَٰتِ
يُسۡرٗا﴾ الكواكب، قال عز وجل: ﴿فَلَآ
أُقۡسِمُ بِٱلۡخُنَّسِ ١٥ ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ
١٦﴾ [التكوير: 15، 16]؛ لأن
الكواكب أيضًا تجري في أفلاكها منتظمة وبدقة متناهية، لا يحصل فيها خلل ولا
اضطراب. فهذا من آيات الله سبحانه وتعالى.
ثم قال عز وحل: ﴿فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا﴾، هي الملائكة؛ لأنها تُقَسِّم أوامر الله عز وجل في خلقه، فهي تَحمل أوامر الله وتنفذها في الخلق بما أَمَرها الله سبحانه وتعالى.