وانظر هذه الآيات العظيمة:
أولاً: الرياح؛ لأنها هي التي تلي الأرض، ثم فوق الرياح السحاب، ثم فوق السحاب
الكواكب - على القول بأن المراد بـ ﴿فَٱلۡجَٰرِيَٰتِ يُسۡرٗا﴾الكواكب
- فهي فوق السحاب، ثم الملائكة؛ لأنها فوق الكواكب!! فهذا نسق عجيب في هذه الآيات.
وجواب
القَسَم: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٞ ٥ وَإِنَّ ٱلدِّينَ
لَوَٰقِعٞ ٦﴾ [الذاريات: 5- 6].
﴿إِنَّمَا
تُوعَدُونَ﴾ من البعث والنشور، والجزاء
والحساب﴿لَصَادِقٞ﴾، أي: لابد من وقوعه. كما قال عز وجل: ﴿وَعۡدَ ٱللَّهِۖ
لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ﴾
[الروم: 6].
ثم
قال عز وجل: ﴿وَإِنَّ ٱلدِّينَ
لَوَٰقِعٞ﴾، المراد بالدِّين: الحساب.
يقال: دانه، إذا حاسبه، فهو مَدين، يعني مُحاسَب، قال عز وجل: ﴿أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي
يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ﴾ [الماعون:
1] أي: يُكذِّب بالحساب. وكقوله: ﴿مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ﴾
[الفاتحة: 4] يوم الدين، أي: يوم الحساب والجزاء على الأعمال.
فالبعث
والنشور واقعان لا محالة، والحساب واقع لا محالة؛ لأنه هو النتيجة من الحياة في
هذه الدنيا، فلسنا مُهمَلين، كُلٌّ يَسْرح ويَمْرح، ويفعل ما يشاء، يكفر أو يؤمن،
وتنتهي المسألة!! لا، فالنتيجة تُنتظَر في وقتها، وهو يوم الحساب والجزاء على هذه
الأعمال التي صدرت منا في هذه الدنيا.
لماذا
أقسم سبحانه وتعالى هذه الأقسام مع أنه الصادق عز وجل ؟
الجواب: أَقسم للرد على المكذبين بالبعث والنشور، الذين يُكذِّبون به، ويستبطئونه، ويَتَحَدَّون ويقولون: عَجِّل لنا هذا الذي تقول! ﴿وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا﴾، أي: نصيبنا من العذاب ﴿قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ﴾ [ص: 16]، هذا تَحَدٍّ لله سبحانه وتعالى، وتكذيب للرسول صلى الله عليه وسلم.