ثم
قال عز وجل: ﴿وَٱلسَّمَآءِ﴾، هذا قَسَم رابع، ﴿ذَاتِ ٱلۡحُبُكِ﴾، أي: الجمال، ففيها المدارج الجميلة. و ﴿ٱلۡحُبُكِ﴾ هو التدرجات التي تكون على سطح الماء أو على الرمل، إذا
جاءته الريح فإنه يتجعد ويكون حُبُكًا جميلة، تُعْجِب الناظر إليها ([1]).
﴿إِنَّكُمۡ﴾، أيها الكفار ﴿لَفِي قَوۡلٖ
مُّخۡتَلِفٖ﴾ في حق الرسول صلى الله عليه
وسلم.
فقد
اختلفوا ماذا يسمونه: فأحدهم يقول: إنه كذاب. وآخَر يقول: إنه ساحر. وآخَر يقول:
إنه مجنون. حتى قالوا: مُعَلَّم، عَلَّمه أحد بني إسرائيل. قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدۡ
نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٞۗ﴾ [النحل: 103]، أي: إنه يَتلقى هذا القرآن من بشر من بني
إسرائيل يُعَلِّمه، وليس هو من عند الله سبحانه وتعالى.
فاختلفت
أقوالهم في الرسول صلى الله عليه وسلم وفي القرآن، فهذا دليل على كذبهم!! لأنهم لو
كانوا صادقين ما اختلفت أقوالهم، فكل واحد يتخرص ويصف الرسول صلى الله عليه وسلم
بوصف، فهذا من اضطرابهم.
وهكذا
أهل الشر وأهل الكذب، لا يتفقون، كُلٌّ له قول.
أما
أهل الحق فإنهم يتفقون، ويكون قولهم واحدًا.
فالقرآن
لا يختلف، بل يُصدِّق بعضه بعضًا، ويُفسِّر بعضه بعضًا. وكذلك أحاديث الرسول صلى
الله عليه وسلم، لا تختلف ولا تتناقض أبدًا؛ لأنها حق، والحق لا يختلف.
أما
أقوال الكفار فإنها مختلفة؛ لأنها باطلة.
ثم قال عز وجل: ﴿يُؤۡفَكُ عَنۡهُ﴾ أي: يُصَدّ عنه، أي: بسببه ﴿مَنۡ أُفِكَ﴾ مَن افتُتن.
([1]) انظر: تفسير الطبري (22/ 394).