×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ولكنهم عَصَوا الله وعَصَوا الرسول، واستمروا على جريمتهم الشنعاء ولم يقلعوا عنها، حتى إنهم هددوا نبي الله لوطًا عليه السلام بالإخراج وطرده من بلدهم، فقالوا: ﴿أَخۡرِجُوٓاْ ءَالَ لُوطٖ مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ [النمل: 56]، وليس لهم ذنب إلاَّ أنهم يتطهرون، فهل التطهر جريمة؟ فدل على أنهم متنجسون بالفاحشة، ويرونها أنها مفخرة - والعياذ بالله -، ويَسْخرون من لوط عليه السلام وأهله، أنهم يتطهرون من هذه الفاحشة.

فأرسل الله الملائكة لإهلاكهم، فمروا على إبراهيم عليه السلام في صورة رجال شباب حسان الوجوه، عليهم الوقار والحشمة.

ومن عادة إبراهيم عليه السلام أنه يُكْرِم الأضياف، فكان عليه السلام مضيافًا كريمًا، يُكْرِم الضيوف، فظن أنهم ضيوف.

والضيف هو الذي ينزل بك، سواء في البادية أو في القرية.

وهذه عادة قديمة، أن أصحاب القرى وأصحاب البادية يُكْرِمون الضيوف، وهذه مفخرة وخصلة عظيمة، وكانت في العرب في الجاهلية، وهي من مكارم الأخلاق، وأقرها الإسلام وحث عليها ([1]).

فالضيف له حق، وقد أوجب الإمام أحمد وجماعة قِرَى الضيف، فهو من الواجب على المُضِيف أن يَقري ضيفه، وهو حق للضيف، الواجب مقدار يوم وليلة، والمستحب ثلاثة أيام ([2]).

وتكون في القرى وفي البوادي، في الأمكنة التي ليس فيها مطاعم ولا مأوى، فالضيف محتاج، فيُؤويه المضيف ويطعمه ويَسقيه.

وكان إبراهيم عليه السلام قائمًا بها خير قيام، كان مضيافًا؛ ولهذا قال تعالى: ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ [الذاريات: 24].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6018)، ومسلم رقم (47).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6019).