﴿فَرَاغَ
إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ﴾
[الذاريات: 26]، أي: فذهب إليهم خُفية مسرعًا.
وهذا
فيه أن المضيف لا يُظْهِر للضيف أنه سيَعمل كذا وكذا.
فذهب
مسرعًا وبخُفية، بحيث إن الملائكة لم يشعروا بذلك. لأنه قد يُحْرِج الضيف، ولأنه
إذا أظهر له ذلك فكأنما فيه تَمَدُّح وتَمَنُّن على الضيف فيُخجله.
وفي
قوله تعالى: ﴿فَرَاغَ﴾ التعجيل بقِرى الضيف، وأن المُضيف لا يتأخر ولا يتباطأ،
بل يُعجِّل قرى ضيفه.
﴿فَجَآءَ
بِعِجۡلٖ سَمِينٖ﴾
[الذاريات: 26]، أحسن ما يكون لحمًا، ﴿سَمِينٖ﴾.
فهذا:
فيه أن المضيف يختار أحسن ما عنده للضيف، ولا يُحْضِر له شيئًا رديئًا.
وفي
الآية الأخرى: ﴿فَمَا لَبِثَ أَن
جَآءَ بِعِجۡلٍ حَنِيذٖ﴾
[هود: 69]، أي: مشوي على الرَّضْف، وهي الحجارة. فوَصَفه بوصفين: سمين. وحنيذ،
ناضج، جاهز للأكل، لذيذ.
ففيه:
أن المضيف أيضًا يعتني بإعداد طعام الضيف على أحسن ما يكون.
﴿فَقَرَّبَهُۥٓ
إِلَيۡهِمۡ﴾ هذا فيه من آداب الضيافة أن
المضيف يأتي بالطعام للضيف في مكانه ومجلسه، ولا يضع الطعام في مكان آخر ويقول له:
هيا تفضلوا. مثل ما يعمله كثير من الناس الآن، هذا خلاف آداب الضيافة.
﴿فَقَرَّبَهُۥٓ
إِلَيۡهِمۡ﴾، ولم يقربهم إليه.
ثم قال: ﴿أَلَا تَأۡكُلُونَ﴾ [الذاريات: 27]، رأى منهم إحجامًا؛ لأنهم ملائكة، لا يأكلون الطعام.