وهذا
من الآداب أيضًا: عَرَض عليهم عرضًا، ولم يقل: «كلوا»، بل قال: ﴿أَلَا
تَأۡكُلُونَ﴾، فهذا من آداب الضيافة
والمحادثة مع الضيف.
﴿فَأَوۡجَسَ
مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ﴾
[الذاريات: 28]، لما رآهم لا يأكلون خاف أن يكونوا أعداء؛ لأن من العادة أن الذي
لا يأكل سيبطش بك، فإذا أكل منه فذلك تأمين لصاحب المحل.
﴿قَالُواْ لَا
تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ﴾
[الذاريات: 28]، طمأنوه، لَمَّا رأوا منه الخوف، وبَشَّروه بعد التطمين، أي:
أخبروه بخبر سار، بغلام يولد له.
لأن
إبراهيم عليه السلام كان لا يولد له، وإنما وهبه الله على الكِبَر؛ كما قال عليه
السلام: ﴿ٱلۡحَمۡدُ
لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلۡكِبَرِ إِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ
رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ﴾
[إبراهيم: 39].
قيل:
إنه بلغ ثمانين سنة أو تسعين سنة، وهو لا يولد له. وكانت امرأته عجوزًا.
فبشروه
بغلام، وهو إسحاق عليه السلام.
أما
إسماعيل عليه السلام، فقد بُشِّر به إبراهيم عليه السلام في سورة الصافات: ﴿فَبَشَّرۡنَٰهُ
بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ﴾ [الصافات:
101].
تأمل
وَصْفه إسماعيل عليه السلام بأنه حليم، وإسحاق بأنه عليم، فهذا له وصف، وهذا له
وصف!!
لماذا وُصِف إسماعيل عليه السلام بأنه حليم؟ لأنه سيأتي في قصته أن إبراهيم عليه السلام أُمِر بذبحه، وأنه عَرَض عليه الذبح. فمِن حلم إسماعيل عليه السلام أنه قال: ﴿يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [الصافات: 102].