﴿أَوۡ مَجۡنُونٞ﴾ [الذاريات: 39]، فيأتي بأشياء غير لائقة؛ لأن المجنون
ما يُحْكِم تصرفاته ولا أقواله ولا أفعاله، فوَصَف موسى عليه السلام بالجنون الذي
يتخبط صاحبه من غير فكر.
وكلمة
﴿أَوۡ﴾ قيل: إنها للتنويع والشك، فلا يدري أهو ساحر أو مجنون.
وقيل:
إنها بمعنى الواو، فهو ساحر ومجنون معًا، فوَصَفه بصفتين: السحر والجنون.
وهكذا
أعداء الرسل، يصفونهم بالسحر، أو بالجنون، أو إرادة التعالي على الناس... إلى آخِر
ما قالوا في الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -.
﴿فَأَخَذۡنَٰهُ
وَجُنُودَهُۥ فَنَبَذۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٞ﴾ [الذاريات: 40] فالله عز وجل عاقبه أشد العقوبة لما
أَعرض وتَكَبَّر، ولم يَقبل هدى الله سبحانه وتعالى.
والله
ذَكَر في الآيات الأخرى ما جرى بين موسى عليه السلام، وبين فرعون وقومه من
الجَوْلات العظيمة التي يظهر فيها الحق في كل موقف وفي كل مشهد، فلم ينفع منه ذلك
ولم يُجْدِ فيه.
﴿فَأَخَذۡنَٰهُ
وَجُنُودَهُۥ﴾، أَخَذهم الله بالعذاب، هو
وجنوده الذين تَكَبَّر بهم وأُعجب بكثرتهم، أَخَذهم الله معه، ولم يقدروا على أن
يدفعوا عن أنفسهم.
﴿فَنَبَذۡنَٰهُمۡ
فِي ٱلۡيَمِّ﴾، أي: في البحر، فأغرقهم
الله جميعًا عن آخرهم.
﴿وَهُوَ مُلِيمٞ﴾، أي: آتٍ بما يلام عليه، من الكفر، ومعصية الرسول، والاستكبار في الأرض.