ومن
ذلك الوقت حَدَث الشرك في الأرض، بهذا السبب، أي: بسبب الغلو في الصالحين، فالغلو
في الصالحين يَئُول إلى الشرك - والعياذ بالـله -.
ولهذا
حَذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو في الأموات وفي القبور؛ لأن هذا وسيلة
إلى الشرك، كما حصل لقوم نوح عليه السلام.
فأرسل
الـله إليهم نبيه نوحًا عليه السلام، فدعاهم إلى الـله، ولَبِث فيهم ألف سنة إلاَّ
خمسين عامًا، يدعوهم إلى التوحيد وإلى عبادة الـله، فلم يُفِد، ولم يؤمن معه إلاَّ
قليل؛ كما قال الـله عز وجل، حينما أوحى الـله إليه: ﴿وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن
قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ﴾ [هود: 36].
وأَمَره
بصناعة السفينة من الخشب، فصَنَع السفينة بأمر الـله. وكانوا يمرون عليه وهو يصنع
السفينة، ويسخرون ويضحكون منه، ﴿وَيَصۡنَعُ ٱلۡفُلۡكَ
وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيۡهِ مَلَأٞ مِّن قَوۡمِهِۦ سَخِرُواْ مِنۡهُۚ قَالَ إِن
تَسۡخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ ٣٨ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ
يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ ٣٩﴾
[هود: 38- 39].
فلما
تم أمر الـله عز وجل وانتهى أجلهم، حل بهم العذاب، فأَخَذهم الـله بالغرق، فَجَّر
الـله عليهم الأرض عيونًا، وأنزل الماء من السماء، والتقى الماء من السماء والأرض
عليهم، وغطى رءوس الجبال، حتى هلكوا عن آخرهم، ولم يَنْجُ إلاَّ مَن رَكِب في
السفينة مع رسول الـله ونبي الـله نوح عليه السلام.
وقد
قص الله هذه القصص عن هذه الأمم للعبرة والعظة؛ وليسلي نبيه محمدًا صلى الله عليه
وسلم، في أن قومه لن يعجزوا الله عز وجل.