×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

بعد إهلاكهم جَعَل الله قريتهم قائمة على طريق الذاهبين إلى الشام والآيبين منها ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٖ مُّقِيمٍ [الحِجر: 76]، يمر بها الناس في أسفارهم؛ لأجل العبرة والعظة.

أبقاها الله عز وجل آية وعلامة على انتقام الله من المجرمين! فكل مَن مر بها فإنه يَعرف ويتذكر ويتعظ بما أحل الله بأهل هذه القرية؛ كما قال عز وجل: ﴿فَتِلۡكَ بُيُوتُهُمۡ خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُوٓاْۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ [النمل: 52]، يبقيها الله سبحانه وتعالى عبرة لمن يأتي بعدهم.

ولهذا قال: ﴿وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ  [الذاريات: 37]، أما الذين يعتبرونها من الآثار السياحية فقط، ويمتعون أنظارهم بها - فهؤلاء لا يخافون العذاب الأليم.

أما أهل الإيمان فإذا رأوها خافوا أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك، فيتجنبون فعلهم. فهؤلاء هم الذين ينتفعون بهذه الآثار، وإذا رأوها اعتبروا بها، وزادتهم إيمانًا ويقينًا وخوفًا من الله سبحانه وتعالى.

فالنظر في الآثار والسير في الأرض إنما هو للعبرة والعظة، وليس للنزهة والإعجاب والافتخار بها أو التكسب من ورائها بما يؤخذ من الزائرين، وعدم الالتفات إلى ما فيها من آيات الله سبحانه وتعالى ! فهذا من موت القلوب ﴿وَكَأَيِّن مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا مُعۡرِضُونَ [يوسف: 105].

فهذا فيه تنبيه عظيم على أن الآثار الماضية - إنما يُنظَر إليها نظرة اعتبار واتعاظ.

ثم قال عز وجل: ﴿وَفِي مُوسَىٰٓ أي: وتركنا في قصة موسى عليه السلام مع فرعون، وما حصل لفرعون من الهلاك والغرق - آيةً أيضًا، كما في ديار قوم لوط آية وعبرة. وفرعون هو مَلِك مصر من القبط.


الشرح