فالله أعطى موسى عليه
السلام البرهان الدال على أنه رسول من عند الله، آتاه تسع آيات كما ذَكَر سبحانه
وتعالى: اليد حيث يُدْخِل يده في جيبه فتَخرج بيضاء من غير سوء، أي: من غير برص.
ويُلْقِي العصا التي معه فتنقلب إلى حية. فهذه من المعجزات العظيمة التي قابل بها
موسى فرعون، ﴿فَأَلۡقَىٰ
عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعۡبَانٞ مُّبِينٞ ١٠٧ وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ
لِلنَّٰظِرِينَ ١٠٨﴾ [الأعراف: 107- 108].
ولهذا
لما قال موسى عليه السلام لفرعون: ﴿أَوَلَوۡ جِئۡتُكَ بِشَيۡءٖ مُّبِينٖ﴾ [الشعراء: 30]. قال له فرعون: ﴿إِن كُنتَ
جِئۡتَ بَِٔايَةٖ فَأۡتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ﴾ [الأعراف: 106].
ففرعون
يتحدى موسى عليه السلام، يقول: هاتِ الآيات التي معك!!
فألقى
عصاه فإذا هي ثعبان مبين، فالعصا الجامدة، الخشبة، صارت حية لحمًا ودمًا في لحظة
واحدة بقدرة الله سبحانه وتعالى.
وأَدخل
يده وهي عادية، ثم أخرجها وهي بيضاء كالشمس! فهذه معجزة من صنع الله سبحانه وتعالى،
وليست من صنيع موسى ولا من صنيع البشر.
ولهذا
لما رأى السحرة ذلك آمنوا لأنهم أهل علم، فعَلِموا أن هذا ما هو بسحر، وليس من صنع
البشر، وأنه من صنع الله عز وجل الذي لا يعجزه شيء ﴿فَأُلۡقِيَ ٱلسَّحَرَةُ
سَٰجِدِينَ ٤٦ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٤٧ رَبِّ مُوسَىٰ
وَهَٰرُونَ ٤٨﴾ [الشعراء: 46- 48].
فاستكبر
فرعون ﴿فَتَوَلَّىٰ
بِرُكۡنِهِۦ﴾، ما نفع فيه السلطان
المبين، والحجة القاهرة - والعياذ بالله - مع أنه عَرَف أن موسى عليه السلام نبي
ورسول من عند الله، وأن رسالته من عند الله.
ولكن مِن باب المكابرة والعناد، وإرادة أن يَبقى على مُلكه، يظن أنه لو أطاع موسى لتَحَوَّل من مُلكه! مع أنه لو أطاع موسى لزاده الله عزًّا،