للرسول صلى الله عليه وسلم.
ولم يَرَ بعضهم بعضًا، لكن الكفر جَمَعهم، والكفر كما يقولون: «ملة واحدة»، من أول
الخليقة إلى آخرها.
﴿بَلۡ هُمۡ
قَوۡمٞ طَاغُونَ﴾ أي: الذي
حَمَلهم على هذا هو الطغيان. والطغيان: مجاوزة الحد. فهم تجاوزوا الحد، فلما
تجاوزوا الحد قالوا هذه المقالة.
ثم
قال عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿فَتَوَلَّ
عَنۡهُمۡ﴾ [الذاريات: 54]، أي: لا
تلتفت إلى أقوالهم واعتراضاتهم، ولا تعبأ بها أبدًا ولا تهمك!!
لأنه
صلى الله عليه وسلم كان يحزن على قومه، أنهم يدخلون النار، وأنهم يكفرون بالـله، ﴿فَلَعَلَّكَ
بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ
أَسَفًا﴾ [الكهف: 6] ﴿لَعَلَّكَ
بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ﴾
[الشعراء: 3]، أي: مُهْلِك نفسك.
فالرسول
صلى الله عليه وسلم كان حريصًا، وكان يحزنه ما عليه قومه؛ لأنه يريد لهم السلامة
والنصيحة، ويريد لهم النجاة، فإذا رآهم على ما هم عليه من العناد؛ فإنه يحزن صلى
الله عليه وسلم.
قال
تعالى: ﴿وَلَقَدۡ
نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾
[الحجر: 97]، ﴿قَدۡ نَعۡلَمُ
إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ
وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33].
فهذه
تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.
﴿فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡ﴾، أي: أَعْرِضْ عنهم. وليس معنى ذلك أن يتركهم، لا، يُذكِّرهم! وإنما يُعْرِض عن أذاهم ولا يلتفت إليه، ولا يحزنه أيضًا؛ لأن حسابهم على الـله عز وجل، ﴿إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ﴾ [الشورى: 48]، ﴿فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُ وَعَلَيۡنَا ٱلۡحِسَابُ﴾ [الرعد: 40]، ﴿فَذَكِّرۡ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٞ ٢١لَّسۡتَ عَلَيۡهِم بِمُصَيۡطِرٍ ٢٢﴾ [الغاشية: 21- 22].