×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

وأما المُعْرِضون فقد أمره الـله بالإعراض عنهم والاستمرار على التذكير. فليس معنى الإعراض أنهم يُتْرَكون، ولا يُذكَّرون، ولا يقال: لا يَقبلون!! بل يستمر الداعية ويصبر على التذكير وعلى الموعظة والدعوة إلى الـله سبحانه وتعالى.

ونحن نسمع من بعض الصحفيين الآن تقليلاً من شأن الوعظ؛ وهذا لجهلهم وقسوة قلوبهم.

ثم قال عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56]، ذَكَر الـله الحكمة من خلقه الجن والإنس.

والجن عالَم خفي لا نراه. سُمِّي جنًّا؛ لأننا لا نراهم، وهو من الاجتنان، وهو الاستتار، ومنه سُمي الجنين في بطن أمه؛ لأنه مستتر. وجَنَّ عليه الليل، أي: سَتَره الظلام. وسُميت الجَنة بالجَنة؛ لأنها ملتفة الأشجار والأغصان. والجُنة هي السُّترة التي يتخذها المقاتل ([1]).

﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ [الذاريات: 56]، والجن عالَم خفي لا يُرَون، لكننا نؤمن بهم، منهم المؤمن والكافر، ومنهم المطيع والعاصي، ومنهم المستقيم والفاسق؛ كما قالوا عن أنفسهم: ﴿وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا [الجن: 11]، ﴿وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ [الجن: 14].

فالجن مثل الإنس، فيهم مؤمنون وفيهم كفار، وفيهم مستقيمون، وفيهم عصاة وفساق، والرسالة عامة لهم، للجن والإنس.

والله عز وجل لم يخلقهم لحاجته إليهم، ولا ليتقوى بهم من قلة، أو يتعزز بهم من ذلة؛ لأنه قوي عزيز سبحانه وتعالى، ولم يخلقهم لأجل أن يرزقوه ويكتسبوا له ويجمعوا له الأموال.


الشرح

([1])  انظر: مادة (جن) في مقاييس اللغة (1/ 421)، ولسان العرب (فصل الجيم) ((13/ 92).