لم
يخلقهم إلاَّ لشيء واحد، هو العبادة. والعبادة مصلحتها لهم؛ لأنهم محتاجون
ومفتقرون إلى الـله،. ولا يقربهم من الـله ويصلهم بالـله إلاَّ العبادة، فالعبادة
مصلحتها لهم، وأما الـله عز وجل فإنه غني عنها.
فحَصَر
الحكمة من خلق الجن والإنس في العبادة فقط، لا في شيء آخَر.
ثم
منهم مَن عَبَد الـله، ومنهم مَن لم يعبده، وهو غني عنهم سبحانه وتعالى، فالذين لم
يعبدوه لم يضروه، والذين عبدوه لم ينفعوه بذلك، وإنما الضرر والنفع راجع إلى
العباد أنفسهم.
وإنما
أَمَرهم بعبادته رحمة بهم؛ لتكون صلة بينهم وبينه، ويتعرفون بها على ربهم، ويسألون
حوائجهم ويتضرعون إليه، فهو أَمَرهم بعبادته لحاجتهم إلى ذلك لا لحاجة الـله عز
وجل.
ولهذا
قال عز وجل: ﴿مَآ أُرِيدُ
مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ﴾
[الذاريات: 57]، لم يخلقهم لأجل أنهم يرزقونه، ﴿وَمَآ أُرِيدُ
أَن يُطۡعِمُونِ﴾، فالـله
عز وجل يُطْعِم ولا يُطْعَم، ﴿وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُۗ﴾ [الأنعام: 14]، سبحانه وتعالى.
﴿إِنَّ ٱللَّهَ
هُوَ ٱلرَّزَّاقُ﴾، صيغة
مبالغة، أي: كثير الرزق سبحانه وتعالى، فهو يرزقهم ويرزق غيرهم، يرزق الجن والإنس،
ويرزق الحيوانات، ويرزق الحشرات، ويرزق مَن لا ترونه، هو القائم بأرزاق عباده
سبحانه وتعالى في البَر والبحر، والمخلوقات كلها بأنواعها هو الذي يرزقها ويوصل
إليها غذاءها، ويهيئ لها مصالحها.
كُلٌّ له رزقه ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزۡقُهَا﴾ [هود: 6]، تَكَفَّل الـله برزقها، ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ﴾ [العنكبوت: 60].