فلماذا
يلجأ العباد إلى غيره، من الأصنام والأحجار، والأشجار، والجن والإنس والشياطين مما
لا يغني عنهم شيئًا، ويَنْسَون الـله عز وجل أن يفروا إليه في جميع أمورهم، في
حالتَيِ الرخاء والشدة، وفي حالة اليسر والعسر؟!
﴿إِنِّي لَكُم
مِّنۡهُ نَذِيرٞ مُّبِينٞ﴾
الـله سبحانه يأمرنا بالفرار إليه، والرسول يقول: ﴿مِّنۡهُ﴾ أي: من الـله. فهو مُرسَل من الـله إلينا ليُبلِّغنا عن
الـله ويُنذرنا. والنذير: يُحذِّر من الشيء المكروه. والبشير: يُبشِّر بالشيء
المحبوب. والرسول صلى الله عليه وسلم بشير ونذير: بشير لأهل الطاعة والاستقامة
بالخير، ونذير لأهل الشر والشرك والكفر والمعاصي من الشر.
وهذا
من رحمة الـله، أنه عز وجل يدعونا إلى الرجوع إليه ودعائه وعبادته؛ من أجل أن
ينقذنا من المكاره ويُمدنا بالمنافع، وهو غني عنا!!
كما
في الحديث القدسي، يَقُولُ اللهُ عز وجل: «لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ
وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا
نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا» ([1])،
قال عز وجل حكاية عن موسى عليه السلام: ﴿إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا
فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾
[إبراهيم: 8]، ما يَنقص ذلك من غناه، ولا يَنقص ذلك مما عنده، ومُلكه تام، سواء
أطعتم أو عصيتم، لا يَزيد بطاعتكم ولا يَنقص بمعصيتكم.
ولما أنزل الـله عليه صلى الله عليه وسلم قوله عز وجل: ﴿وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214] صَعِد الصفا ونادى: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ»، فاجتمعوا إليه؛ لأن من عادتهم إذا حصل مكروه أو عدو - أنه يأتيهم نذير ويَصيح، فيجتمعون إليه، فيُحذِّرهم من العدو.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2577).