فلما
نادى صلى الله عليه وسلم بأعلى صوته على الصفا: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ»،
اجتمعوا إليه وقالوا: ماذا حدث؟!
فقال
صلى الله عليه وسلم: «اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ
اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ
شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ
شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ
اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ
مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» ([1]).
فبَلَّغ
صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا
جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قوله: ﴿تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ ١ مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ ٢ سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ ٣ وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ ٤ فِي جِيدِهَا حَبۡلٞ مِّن مَّسَدِۢ ٥﴾ [المسد: 1- 5] ([2]).
﴿وَلَا
تَجۡعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ
مُّبِينٞ﴾ [الذاريات: 51]، أي: لا تجعلوا
مع الـله معبودًا آخر من الأصنام والأوثان، والأشجار والأحجار، والأولياء
والصالحين، لا تجعلوا مع الـله إلهًا آخر أيًّا كان هذا الإله.
﴿إِنِّي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ مُّبِينٞ﴾، أي: أنا لكم من الله نذير عن هذا الشرك واتخاذ الآلهة من دون الله؛ لأنه الإله الحق عز وجل، وما سواه فهو مألوه بالباطل، ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ﴾ [الحج: 62].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2753)، ومسلم رقم (204).