وقد
رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج. وسُمِّي ﴿ٱلۡمَعۡمُورِ﴾ لأنه معمور بالعبادة، يدخله كل يوم سبعون ألفًا من
الملائكة، ثم لا يعودون إليه! هذا يدل على كثرة الملائكة ([1]).
فعمارة
بيوت الـله إنما هي بالعبادة؛ كما قال الـله تعالى: ﴿إِنَّمَا
يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ
فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [التوبة: 18]، لا بالزخرفة والأصباغ والألوان والكتابات
والنقوش. إنما عمارتها بالعبادة، وهي تُبْنَى البناء الحسي لتُؤدَّى العبادة فيها.
﴿وَٱلسَّقۡفِ ٱلۡمَرۡفُوعِ﴾، السقف: هو ما علا وارتفع ([2])،
والمراد به هنا السماء، فالسماء سقف الأرض، ﴿وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ
سَقۡفٗا مَّحۡفُوظٗاۖ وَهُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِهَا مُعۡرِضُونَ﴾ [الأنبياء: 32]، فالسماء سقف الأرض وبناؤها، ﴿ٱلَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ﴾
[البقرة: 22]، يعني سقفًا.
﴿وَٱلسَّقۡفِ ٱلۡمَرۡفُوعِ﴾ أي: مرفوع عن الأرض، وبينه وبين الأرض مسيرة خَمسمِائة
سنة، وبين كل سماء وسماء من السماوات السبع خَمسمِائة سنة ([3])،
فهذا يدل على اتساع هذا الكون.
﴿وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ﴾، البحر في الأصل هو: الشق في الأرض، ويراد به هنا ما
يقابل البَر.
و ﴿ٱلۡمَسۡجُورِ﴾: قيل: معناه: المملوء بالماء. وقيل: معناه: الممنوع من أن يغمر الأرض،. وقيل: ﴿ٱلۡمَسۡجُورِ ِ﴾ معناه: المُوقَد بالنار؛ لأنه
([1]) أخرجه: مسلم رقم (162).