في
يوم القيامة تُسْجَر البحار، يعني تُوقَد نارًا، كما يُسْجَر التَّنُّور، كما قال
تعالى: ﴿وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ﴾
[التكوير: 6]، يعني: أُوقِدت نارًا ([1]).
هذه
إقسامات من الـله عز وجل للتوكيد، وإلا فهو سبحانه وتعالى صادق ولو لم يُقْسِم،
وإنما أقسم للتوكيد وقَطْع شُبَه المُشبِّهين.
والمُقْسَم
عليه: ﴿إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ لَوَٰقِعٞ﴾ وهو وقوع
العذاب الذي يُكذِّب به المجرمون. أي: حاصل لا محالة في وقته، لا يتقدم ولا يتأخر.
فهؤلاء الذين يستعجلون العذاب إنما ذلك من طغيانهم وجهلهم، وتكذيب للرسول صلى الله
عليه وسلم ! فالـله عز وجل جعل لوقوع هذا العذاب وقتًا لا يتقدم عنه ولا يتأخر، ﴿وَلَوۡلَآ
أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ
لَا يَشۡعُرُونَ﴾
[العنكبوت: 53].
﴿مَّا لَهُۥ مِن
دَافِعٖ﴾، إذا وقع فإنه لا يَقدر أحد
على دفعه ورَدِّه، فإنهم في الدنيا يتخذون الوقايات ويتخذون الموانع التي تَمنع من
المكروه! ولكن في الآخرة ليس هناك شيء يدفع العذاب! لا حصون ولا جنود، ولا سلاح
ولا قوة! إذا وقع يوم القيامة.
ويقع
﴿يَوۡمَ﴾ ظرف منصوب للظرفية، والعامل فيه «واقع»، أي واقع يوم
تمور السماء مَوْرًا. وذلك عند قيام الساعة، تمور السماء، يعني: تتشقق ([2]).
﴿وَتَسِيرُ ٱلۡجِبَالُ سَيۡرٗا﴾هذه الجبال الرواسي الثابتة في الأرض - يأتي عليها يوم تتقلع من أصولها، وتكون هباءً منثورًا، وتكون كالعِهن -
([1]) انظر في ذلك: تفسير الطبري (22/ 458)، وتفسير القرطبي (17/ 61).