﴿بِفَٰكِهَةٖ﴾: ما يُتفكَّه به من أنواع الفواكه اللذيذة.
﴿وَلَحۡمٖ
مِّمَّا يَشۡتَهُونَ﴾ [الطور:
22] وفي الآية الأخرى: ﴿وَلَحۡمِ طَيۡرٖ مِّمَّا يَشۡتَهُونَ﴾ [الواقعة: 21]، من طيور الجنة.
ثم
ذَكَر الشراب، فقال: ﴿يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا﴾،
يعني: شرابًا. والكأس هو الكوب المملوء بالشراب. فإن لم يكن فيه شيء فلا يسمى
كأسًا. أي: شرابًا من خمر الجنة الطيبة، وليست مثل خمر الدنيا خبيثة المذاق، مُرة
الطعم، منتنة الرائحة، سيئة الأثر على الصحة وعلى العقل!! خمر الجنة منزوع منها كل
الآفات التي في خمر الدنيا، إنما تشترك معها في الاسم فقط، لكنها مختلفة تمامًا،
ليس فيها من الآفات التي في خمر الدنيا شيء؛ ولهذا قال: ﴿مِّنۡ خَمۡرٖ
لَّذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ﴾
[محمد: 15].
وفي
هذه الآية: ﴿لَّا لَغۡوٞ
فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ﴾؛
لأن عادة الذين يشربون الخمر في الدنيا يكون بينهم لغو في الكلام ولغط، بذيء،
وكلام. أما خمر الجنة فلا تُؤَثِّر هذا؛ لأنها طيبة، لا لغو فيها ولا تأثيم؛ لأن
شارب خمر الدنيا يلحقه التأثيم، ويقع في الإثم، قد يزني، قد يفعل اللواط، قد يَقتل
النفس؛ لأنه نُزع منه العقل الذي يتميز به، فصار يقع في الآثام - والعياذ بالله -.
وفي الآية الأخرى: ﴿لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ﴾ [الواقعة: 19]؛ لأن خمر الدنيا تُصدِّع الرءوس. وخمر الآخرة: ﴿لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا﴾ لا يصيبهم صداع، ﴿وَلَا هُمۡ عَنۡهَا يُنزَفُونَ﴾ [الصافات: 47]، في الآية الأخرى، يعني: لا تنزف عقولهم، ولا تنزف أموالهم. خمر الدنيا تنزف العقول، وتُصدِّع الرءوس، وتتلف الأموال. خمر الآخرة ليس فيها أي مضرة أو مفسدة.