﴿فَٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ هُمُ ٱلۡمَكِيدُونَ﴾
فالله يكيدهم - سبحانه -؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فمَن كاد الرسول والمؤمنين،
أراد بهم كيدًا ومكرًا، فإن الله يكيده ويمكر به ﴿وَيَمۡكُرُونَ
وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ﴾ [الأنفال:
30] جزاءً لهم ﴿وَٱللَّهُ
خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ﴾ فلينتظروا
ما يحل بهم من الله سبحانه وتعالى.
ثم
قال عز وجل: ﴿أَمۡ لَهُمۡ
إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِۚ﴾
وهذا باطل، فليس هناك إله حقًّا إلاَّ الله عز وجل وحده ﴿ذَٰلِكَ
بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ
وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ﴾
[الحج: 62].
فليس
لهم إله غير الله عز وجل، إذن أين يذهبون؟ وأين يفرون؟ الله هو إلههم وإله جميع
الخلق، فكيف يتكبرون على الله وعلى رسوله، ويعاندون رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم
يعلمون أنه ليس لهم إله إلاَّ الله عز وجل ؟!
ثم
قال عز وجل: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ
عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾، أي يتنزه
عن شركهم وعن أقوالهم.
ثم
قال عز وجل مبينًا أنهم لا يُصدِّقون بشيء، ولو رأوه بأعينهم: ﴿وَإِن يَرَوۡاْ
كِسۡفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطٗا﴾،
يعني: لو رأوا السماوات تتقطع وتنزل عليهم، ما اعترفوا بذلك ولا خافوا، بل قالوا:
هذا سحاب مركوم. سحاب يمطر، وفيه خير لنا! ولا يقولون: هذا عذاب! لأنهم لا يخافون
الله سبحانه وتعالى.
كما قال تعالى عن عاد: ﴿فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضٗا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِيَتِهِمۡ﴾ [الأحقاف: 24] رأوا الريح العقيم عارضًا مستقبل أوديتهم ظلمة - والعياذ بالله - ﴿قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ﴾ سحاب؛ لأنهم كانوا مجدبين وينتظرون المطر، فلما رأوا الريح مقبلة، ما اتعظوا، ولا خافوا، مع أنهم كَذَّبوا رسول الله هودًا عليه السلام، ﴿قَالُواْ هَٰذَا عَارِضٞ مُّمۡطِرُنَاۚ﴾لا يَزالون في غيهم،