كما
أنه لما كان السحر متفشيًا في عصر فرعون، ظنوا أن موسى عليه السلام ساحر.
ولهذا
قال عز وجل: ﴿فَمَآ أَنتَ
بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ﴾
[الطور: 29]؛ لأن الذي ينزل عليك من ربك
هو جبريل عليه السلام، من عند الله عز وجل، والشياطين لا تقرب الوحي، ﴿وَمَا
تَنَزَّلَتۡ بِهِ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢١٠ وَمَا
يَنۢبَغِي لَهُمۡ وَمَا يَسۡتَطِيعُونَ ٢١١ إِنَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّمۡعِ لَمَعۡزُولُونَ ٢١٢﴾
[الشعراء: 210- 212].
فالذي
يأتي محمدًا صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء - إنما هو وحي من الله، بواسطة،
الرُّوح الأمين، وهو جبريل عليه السلام، شديد القوى، فلا تقربه الشياطين.
﴿وَلَا
مَجۡنُونٍ﴾ والمجنون هو: زائل العقل
بسبب مس من الجن. لأن بعضهم يقول: إن محمدًا مجنون. والبعض يقول: إنه شاعر. اختلفت
أقوالهم فيه مما يدل على تخرصهم وأنهم ليسوا على شيء.
وبعضهم
يقول: إنه شاعر، وإن القرآن هذا شعر. لأن القرآن فصيح وبليغ، وكلامه يأخذ الألباب،
فشَبَّهوه بالشعر؛ لأن الشعر له مكانة عندهم في البلاغة والفصاحة والتأثير على
السامع.
فالنبي
صلى الله عليه وسلم ليس بشاعر، والقرآن ليس بشعر، وإنما هو كلام الله عز وجل؛ لأن
القرآن حق، كله حق، وكلام الشعراء أكثره كذب ﴿وَٱلشُّعَرَآءُ
يَتَّبِعُهُمُ ٱلۡغَاوُۥنَ ٢٢٤ أَلَمۡ تَرَ
أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ ٢٢٥ وَأَنَّهُمۡ
يَقُولُونَ مَا لَا يَفۡعَلُونَ ٢٢٦﴾
[الشعراء: 224- 226].
﴿نَّتَرَبَّصُ
بِهِۦ﴾ ننتظر به ﴿رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ﴾ ننتظر به الموت، يموت ونستريح منه، اصبروا عليه، إلى أن
يموت ونستريح منه.
لكن هل إذا مات تموت رسالته؟ هل يموت القرآن والسُّنة وما جاء به صلى الله عليه وسلم ؟