·
فالشفاعة تُطلب من الله عز وجل، ولا تحصل إلاَّ بشرطين:
الشرط
الأول: أن يأذن الله بالشفاعة.
والشرط
الثاني: أن يَرضى الله عن المشفوع فيه، بأن يكون من عصاة
الموحدين، ليس عنده شرك. أما المشرك، فلا تنفعه شفاعة ولا تُقْبَل فيه شفاعة، ﴿مَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾
[غافر: 18]، ﴿فَمَا
تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ *﴾
[المدثر: 48]، فكيف تحصلون على الشفاعة وأنتم مشركون؟! ولا يَرضى الله عن
المشركين.
ثم
عَطَف على المشركين، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ﴾ أي: لا يؤمنون بالبعث ﴿لَيُسَمُّونَ
الْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى﴾
[النجم: 27]، فيقولون: الملائكة بنات الله. فجعلوهم إناثًا، ﴿وَجَعَلُوا
الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا
خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ *﴾
[الزخرف: 19].
فالملائكة
ليسوا إناثًا - كما يقوله المشركون -، بل هم عباد مكرمون، خَلَقهم الله من النور،
وهم يقومون بعبادة الله لا يفترون، ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ *﴾ [الأنبياء: 20]، ويقومون بما أَمَرهم الله به من تنفيذ
الأوامر الإلهية في هذا الكون، ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ
يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ *﴾ [الأنبياء: 28].
وإذا
كان الملائكة عباده، فلا تصلح عبادتهم من دون الله.
﴿وَمَا لَهُمْ
بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾ أي: بهذه
التسمية التي سَمَّوْا بها الملائكة.
﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ﴾، وسَبَق أن الظن لا يُحْتَج به. فأمور التوحيد وأمور الغيب لا يحتج فيها إلاَّ بالبرهان المنزل من عند الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا