×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

 قال: ﴿وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡ‍ٔٗا [النجم: 28] أي: لا يُعْتَمد عليه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ» ([1])، «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا» ([2])، فالظن لا يُعْتَمد عليه، لا سيما في الأمور الغيبية وأمور الاعتقاد.

ثم قال عز وجل لما وبخهم وبَيَّن بطلان حججهم، وأنهم يبنون على كذب وظنون وعلى اقتداء بآبائهم، ويقولون: ﴿حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ [المائدة: 104]، لما بَيَّن هذا قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿فَأَعۡرِضۡ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكۡرِنَا [النجم: 29]، عن القرآن، وعن ذكر الله عز وجل وعبادته، وبَلَّغتَهم، وأَديت ما عليك، ﴿فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُ وَعَلَيۡنَا ٱلۡحِسَابُ [الرعد: 40].

فمهمة الرسول صلى الله عليه وسلم تمت؛ لأنه بَلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، وأنهى ما عليه صلى الله عليه وسلم. وأما الهداية فهي بيد الله عز وجل، ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ [القصص: 56].

﴿فَأَعۡرِضۡ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكۡرِنَا [النجم: 29]، وفي الآية الأخرى: ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ [الزخرف: 36]، فالذي يُعْرِض عن ذكر الله يُبتلَى بالضلال، فلا يَقبل الحق بعد ذلك، فيَفسد قلبه ويزيغ - والعياذ بالله - فلا يَنتفع بعد ذلك بالأدلة والبراهين، ﴿وَنُقَلِّبُ أَفۡ‍ِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ [الأنعام: 110]، ﴿فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ [الصف: 5].

الحاصل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بَلَّغ، وأَمَره الله أن يُعْرِض عنهم، ولا يهمه أمرهم، يَكِل أمرهم إلى الله، وهذا قبل أن يُفْرَض الجهاد، هذا


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5143)، ومسلم رقم (2563).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (4972)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (762)، والقضاعي في ((مسند الشهاب»» رقم (1334).