فجزاهم بالحسنى. والحسنى
هي الجنة ([1])،
فالله عز وجل خَلَق الجنة للمحسنين، فهي دار المحسنين، وهذا فضل منه سبحانه وتعالى،
أنه لا يضيع أجر مَن أحسن عملاً، ﴿وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ [يوسف: 56]، فالله عز وجل لا يَضيع لديه عمل عامل من
خير أو شر.
والإنسان
ما خُلِق ليأكل ويشرب، ويَسْرح ويَمْرح في هذه الحياة كالبهائم! وإنما خُلِق للعمل
للآخرة؛ فالدنيا مزرعة الآخرة، ومَن ضَيَّع الدنيا ضاعت آخرته، ومَن حَفِظ الدنيا
حَفِظ آخرته.
ثم
بَيَّن مَن هم الذين أحسنوا، فقال: ﴿ٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ
إِلَّا ٱللَّمَمَۚ إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ﴾
[النجم: 32] فأَدَّوا الواجبات والفرائض، وتجنبوا المعاصي من الكبائر وما دونها.
هذا هو الإحسان.
·
والذنوب تنقسم إلى قسمين: كبائر وصغائر.
والصغائر
هي: اللمم.
والكبائر
ضابطها: كل ذنب خُتِم بلعنة أو غضب أو نار، أو رُتِّب عليه حد
في الدنيا أو وعيد في الآخرة.
والكبائر
ليست على حد سواء، بعضها أشد من بعض، فأكبر الكبائر الشرك بالله سبحانه وتعالى،
وعقوق الوالدين، والزنا بالقريبات والمحارم، وقَتْل القريب من أكبر الكبائر.
فالكبائر تختلف، وأعظمها الشرك بالله عز وجل.
ثم قال تعالى: ﴿هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ﴾، فالله محيط علمه بكل شيء، ومِن ذلك إحاطته بعباده، فهو محيط علمه بالعباد: مؤمنهم وكافرهم، صغيرهم وكبيرهم، ذَكَرهم وأنثاهم، حُرهم وعبدهم، عربيهم
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 64)، وزاد المسير (8/ 75)، وتفسير القرطبي (17/ 106).