﴿مِن نُّطۡفَةٍ
إِذَا تُمۡنَىٰ﴾، يعني: تُرَاق في الرحم.
﴿مِن نُّطۡفَةٍ
إِذَا تُمۡنَىٰ﴾حين يمنيها ويريقها الذَّكَر
في رحم الأنثى([1]).
ثم بعد أربعين يومًا تتحول هذه النطفة إلى علقة، يعني: إلى نقطة دم، علقة تَعلق
باليد، فإذا مضت الأربعون الثانية تَحَوَّل هذا الدم إلى مضغة «قطعة لحم»، فإذا
مضت الأربعون الثالثة تحولت هذه المضغة إلى عظام ولحم وعروق وحواس، ثم نُفخت فيه
الرُّوح.
﴿وَأَنَّ
عَلَيۡهِ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰ﴾
النشأة الأولى في بطن أمه. والنشأة الأخرى في القبر، يَجمع الله عز وجل عظامه
ولحمه وشعوره، ثم ينبتها على ما كانت في الدنيا جسمًا متكاملاً، فيكون بطن الأرض
مثل رحم الأم، فإذا تكامل الخلق يؤمر إسرافيل عليه السلام، فيَنفخ في الصور، فتطير
كل رُوح إلى جسمها، فيحيا بإذن الله، ويمشي ويتحرك، ﴿ثُمَّ
نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ﴾
[الزمر: 68].
فالذي
قَدَر على البَداءة والإيجاد من العدم - قادر على الإعادة من باب أَوْلى ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي
يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ
ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [الروم: 27].
﴿وَأَنَّهُۥ
هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ﴾
وَهَب المال للإنسان، ولما خرج من بطن أمه ليس معه شيء، بل ليس عليه لباس، ثم
يُملِّكه الله المال في هذه الدنيا، ويعطيه الثروة ويعطيه الرزق.
فأُعْطِي المال الذي يُستهلك، والمال الذي يُقتنى ويُدخر، كله من الله سبحانه وتعالى.
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 75)، وزاد المسير (8/ 83)، وتفسير القرطبي (17/ 118).