هذا كله تسلية لنبينا محمد
صلى الله عليه وسلم، في أنه لا يحزن على ما أصابه من قومه من العناد والكفر
والأذية، فإن إخوانه من النبيين من قبله حصل عليهم أشد من ذلك، وكانت العاقبة لهم
على أقوامهم.
فهذا
فيه تسلية لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم ﴿وَكُلّٗا
نَّقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ
وَجَآءَكَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَقُّ وَمَوۡعِظَةٞ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [هود: 120].
﴿وَٱلۡمُؤۡتَفِكَةَ
أَهۡوَىٰ﴾ [النجم: 53] المؤتفكة: قوم
لوط، الذين يأتون الذكران من العالمين، أول جريمة حدثت لم يَسبق لها مثيل، وأشنع
جريمة، وهي اللواط.
فنهاهم
نبي الله لوط صلى الله عليه وسلم، فأصروا على فعلتهم الشنيعة، فعند ذلك أرسل الله
الملائكة لإهلاكهم، ومروا على إبراهيم عليه السلام وأضافهم على عادته، لكنهم لم
يأكلوا من الضيافة؛ لأن الملائكة لا يأكلون، وحصل من لوط عليه السلام ما حصل من
التضايق، ومن مجيء قومه إليه يريدون هؤلاء الأضياف، قال تعالى: ﴿لَعَمۡرُكَ
إِنَّهُمۡ لَفِي سَكۡرَتِهِمۡ يَعۡمَهُونَ﴾
[الحجر: 72].
عند
ذلك أَمَر الله جبريل عليه السلام، فحَمَل بلادهم بما فيها من الناس والمخلوقات
والمباني، حَمَلها على طَرَف جناحه، حتى بلغ عَنان السماء، وسمعت الملائكة صياح
ديوكهم ونُباح كلابهم، ثم قَلَبها عليهم، وخسف الله بهم، وأتبعهم بحجارة من سِجيل
وهي النار.
﴿فَغَشَّىٰهَا﴾ من الحجارة، وأتبعها بالحجارة ﴿مَا غَشَّىٰ﴾ [النجم: 54].
هذه
سُنة الله عز وجل فيمن كَذَّب رسله وتَكَبَّر عن طاعته وأشرك به، وهي سُنة لا
تتبدل ولا تتغير.
قال الله عز وجل: ﴿فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكَ﴾ أي: نعمه ﴿تَتَمَارَىٰ﴾ [النجم: 55] الخطاب لجنس الإنسان، فبأي نعم الله أيها الإنسان، ﴿تَتَمَارَىٰ﴾: