فسارت السفينة على الأمواج
﴿وَهِيَ تَجۡرِي
بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ﴾
[هود: 42]، فعند ذلك أنجى الله نبيه ورسوله نوحًا عليه السلام ومَن معه من
المؤمنين، ومَن معه أيضًا من بقية المخلوقات، وهي الأزواج التي حَمَلها معه لبقاء
النسل، وأغرق أهل الأرض كلهم عن آخرهم، ولم يَنْجُ إلاَّ نوح عليه السلام ومَن معه
في السفينة ﴿فَأَنجَيۡنَٰهُ
وَأَصۡحَٰبَ ٱلسَّفِينَةِ﴾
[العنكبوت: 15].
وقوله:
﴿تَجۡرِي
بِأَعۡيُنِنَا﴾ بمرأى منا وحِفظ وكَلاءة
وتوجيه للسفينة، يُسيرها الله سبحانه وتعالى، ﴿جَزَآءٗ
لِّمَن كَانَ كُفِرَ﴾ أي:
فَعَلنا هذا جزاءً لنوح عليه السلام، على صبره وشكره. وقرئ: «جزاءً لمن كان كَفَر»،
أي: أن هذا الغرق جزاء الكفرة.
﴿جَزَآءٗ
لِّمَن كَانَ كُفِرَ﴾ أفلا
يَعتبر هؤلاء الذين عَصَوْا أفضل الرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم ؟! أَلاَّ
يعتبرون بهذا الحدث؟!
﴿وَلَقَد
تَّرَكۡنَٰهَآ ءَايَةٗ﴾
أي: تَرَك الله السفينة آية، أي: علامة على قدرته سبحانه وتعالى.
و«(الألواح»
هي الخشب، و«الدُّسُر» هي المسامير. وقيل: الحبال التي تربطها ([1]).
فبقيت
هي بذاتها. أو المراد: جنسها مما تَعَلَّم الناس من صناعة المراكب البَحْرية، والفلك
التي تجري في البحر، فأبقى الله عز وجل هذه الصنعة في بني آدم آية على قدرته سبحانه
وتعالى.
ومِن أعظم الآيات: أن هذه البواخر والمراكب والبوارج الهائلة - تمشي على البحر، على الماء، ولا تغرق، ولا تغوص في الماء! مَن الذي يَحملها؟ هو الله عز وجل.
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 93، 94)، وزاد المسير (8/ 93)، وتفسير القرطبي (17/ 132).