قال
سبحانه وتعالى: ﴿وَكُلُّ أَمۡرٖ مُّسۡتَقِرّٞ﴾
[القمر: 3]، يعني: لا يؤثر فيه تكذيب هؤلاء أو تأويلهم له، فالأمور ثابتة كما أرادها
الله سبحانه وتعالى. فأهل الضلال لا ينتفعون بالآيات، وأهل الإيمان ينتفعون بها.
هذا الذي استقر عليه أمر الله عز وجل، ولا يُغيَّر ولا يُبدَّل.
قال
عز وجل: ﴿وَلَقَدۡ
جَآءَهُم مِّنَ ٱلۡأَنۢبَآءِ﴾
[القمر: 4]، أي: من الأخبار الماضية والأمم الهالكة التي كَذَّبت الرسل، وكَذَّبت
بالمعجزات والآيات - ما قصه الله سبحانه وتعالى، أي: شاهدوا بأعينهم الأحداث التي
تجري، لكن كما قال الله عز وجل: ﴿وَمَا تُغۡنِي ٱلۡأٓيَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمٖ لَّا
يُؤۡمِنُونَ﴾ [يونس: 101].
وهذا
تأكيد، اللام لام القَسَم، و«قد» للتحقيق، أي: بَلَغهم فِعلنا بالأمم المكذبة
قبلهم، ولكن لم يتعظوا ويَحذروا أن يصيبهم مثل ما أصاب الأمم قبلهم؛ لأن قلوبهم
ميتة لا تؤثر فيها المواعظ والأحداث.
﴿مَا فِيهِ
مُزۡدَجَرٌ﴾ [القمر: 4] أي: زاجر لمن له
قلب، ﴿مَا فِيهِ
مُزۡدَجَرٌ﴾ [القمر: 4]، أي: موعظة
وزاجر لمن يتدبر بعقله ما يَبلغه من الأحداث، ولكن مع هذا لم يزدجروا.
ثم قال عز وجل: ﴿حِكۡمَةُۢ بَٰلِغَةٞۖ﴾ [القمر: 5]، أي: إصرارهم على الكفر والعناد منهم حكمة من الله، أن الله عز وجل حَرَمهم من الهداية؛ لأنهم لا يَصلحون لها، وليسوا موضعًا للهداية، فالله عز وجل حكيم عليم، يضع الهداية فيمن يَقبلها ويستحقها، ويصرف عنها مَن لا يريدها ولا يستحقها! فالله عز وجل لا يُجري ما يُجري في هذا الكون من إيمان وكفر وهدى وضلال وخير وشر - إلاَّ لحكمة بالغة.