×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

﴿فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ، أي: لا تغني الآيات في هؤلاء، ﴿وَمَا تُغۡنِي ٱلۡأٓيَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ [يونس: 101]، أيّ شيء تغنيه وتفيده؟

و ﴿ٱلنُّذُرُ: جمع نذير، من الحوادث والوقائع التي تُنْذِر الناس من الأخطار.

أو: ﴿ٱلنُّذُرُ أي: الرسل - عليهم الصلاة والسلام -.

فالنُّذر تشمل الرسل، وتشمل الأحداث والوقائع، كلها نُذُر لمن ينتفع بها ويعتبر بها. أما مَن لا ينتفع بها، فإنها لا تغني في حقه شيئًا؛ لأن الله عاقبه بطمس قلبه وعمى بصيرته، فما تفيد فيه المواعظ، ولا الزواجر، ولا الأنباء الصادقة عن الأمم السابقة ([1]).

ثم قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡۘ [القمر: 6]، أي: أَعْرِض عنهم ولا يُهمك شأنهم؛ لأنك قد بَلَّغت، وأديت ما عليك، وكِلْ أمرهم إلى الله! كما قال الله عز وجل: ﴿خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ [الأعراف: 199].

وهذا الإعراض يوم أن كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة - والسورة مكية -، إلى أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، وصار له قوة، فحينئذٍ أَمَره الله بجهاد الكفار.

ثم قال عز وجل مُذكِّرًا لما سيَحدث في المستقبل: ﴿يَوۡمَ يَدۡعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيۡءٖ نُّكُرٍ [القمر: 6]، وهذا عند البعث. و ﴿ٱلدَّاعِ هو: إسرافيل عليه السلام. حينما يَنفخ في الصور نفخة البعث، ويدعو الأموات إلى أن يقوموا من قبورهم، قال تعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ [الروم: 25].


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري (27/ 89)، وزاد المسير (8/ 90)، وتفسير القرطبي (17/ 129).