تجتمع
أعضاؤهم وشعورهم ولحومهم وعظامهم وجلودهم وعروقهم، كما خلقهم الله أول مرة، قال
تعالى: ﴿وَلَقَدۡ
جِئۡتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَتَرَكۡتُم مَّا
خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ
زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ
عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ﴾
[الأنعام: 94] ويقومون من قبورهم.
ثم
يسيرون إلى المحشر ﴿خُشَّعًا أَبۡصَٰرُهُمۡ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ
كَأَنَّهُمۡ جَرَادٞ مُّنتَشِرٞ﴾
[القمر: 7]، في كثرتهم وسيرهم في اتجاه واحد ﴿مُّهۡطِعِينَ
إِلَى ٱلدَّاعِۖ﴾ [القمر:
8]، وهو إسرافيل الذي يدعوهم إلى السير إلى المحشر، قال الله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ
فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ﴾ [يس: 51]، ﴿مُّهۡطِعِينَ﴾،
أي: مسرعين.
﴿يَقُولُ ٱلۡكَٰفِرُونَ
هَٰذَا يَوۡمٌ عَسِرٞ﴾ [القمر:
8]، في ذاك اليوم يدركون ما فَرَّطوا فيه، وما ضيعوه في حياتهم الدنيا، لكن لا
ينفعهم التذكر حينذاك، أبدًا؛ لأنه فات وقت التذكر والاعتبار! كما قال الله عز وجل:
﴿فَإِذَا نُقِرَ
فِي ٱلنَّاقُورِ ٨ فَذَٰلِكَ يَوۡمَئِذٖ يَوۡمٌ عَسِيرٌ ٩ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ غَيۡرُ يَسِيرٖ ١٠﴾
[المدثر: 8- 10]، وقال عز وجل: ﴿ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّ لِلرَّحۡمَٰنِۚ وَكَانَ
يَوۡمًا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ عَسِيرٗا﴾
[الفرقان: 26].
ومفهومه
أن هذا اليوم يكون سهلاً على المؤمنين، إنما عُسْره ومشقته على الكافرين - والعياذ
بالله، الذين لم يحسبوا له حسابه. أما المؤمنون، فهم حسبوا له حسابه، واستعدوا له،
وآمنوا به، فسَهُل عليهم في الآخرة.
ثم ذَكَّرهم الله عز وجل بالأمم السابقة التي كَذَّبت رسلها، فقال: ﴿كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ﴾ [القمر: 9]، أي: قبل قومك يا محمد، كَذَّبت قبلهم قوم نوح.