×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ونوح عليه السلام هو أول الرسل إلى أهل الأرض، لما حَدَث الشرك في الأرض بعبادة الصالحين والغلو فيهم، وهم: وَدٌّ، وسُواع، ويغوث، ويعوق، ونَسْر.

واستمر نوح عليه السلام يدعوهم ألف سنة إلاَّ خمسين عامًا، ولم يستجب له منهم إلاَّ القليل، وأوحى الله إليه أنه ﴿لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ [هود: 36]، فعند ذلك دعا عليهم فقال: ﴿رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا [نوح: 26]، لأنه لا طمع في هدايتهم، ﴿إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا [نوح: 27].

﴿فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا نوحًا عليه السلام. وقد وصفه بالعبودية لله، ونسبه إلى نفسه: ﴿عَبۡدَنَا.

لأن العبودية على نوعين:

عبودية عامة لجميع الخلق، كلهم عباد الله: المؤمن والكافر، والبَر والفاجر ﴿إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا [مريم: 93].

أما العبودية الخاصة، فهي عبودية الإيمان بالله عز وجل.

فنوح عليه السلام عبد الله، بمعنى العبودية الخاصة، ﴿فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا، كما قال في الآية الأخرى: ﴿إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدٗا شَكُورٗا [الإسراء: 3]، صلى الله عليه وسلم.

وإضافته إلى الله إضافة تشريف وتكريم. أما إضافة بقية العالَم من الكفار، فهي إضافة خلق وإيجاد.

﴿وَقَالُواْ مَجۡنُونٞفأكملُ خَلْق الله عقلاً قالوا عنه: إنه مجنون. كما قالوا في محمد: إنه ساحر، إنه مجنون، إنه كاهن، إنه كذاب... إلى آخر ما يقولون. والمجنون: هو الذي يخالطه الجني، فيخبله ويتكلم بكلام غير معقول.


الشرح