ونوح
عليه السلام هو أول الرسل إلى أهل الأرض، لما حَدَث الشرك في الأرض بعبادة
الصالحين والغلو فيهم، وهم: وَدٌّ، وسُواع، ويغوث، ويعوق، ونَسْر.
واستمر
نوح عليه السلام يدعوهم ألف سنة إلاَّ خمسين عامًا، ولم يستجب له منهم إلاَّ
القليل، وأوحى الله إليه أنه ﴿لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ﴾ [هود: 36]، فعند ذلك دعا عليهم فقال: ﴿رَّبِّ لَا
تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا﴾
[نوح: 26]، لأنه لا طمع في هدايتهم، ﴿إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا
يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا﴾
[نوح: 27].
﴿فَكَذَّبُواْ
عَبۡدَنَا﴾ نوحًا عليه السلام. وقد
وصفه بالعبودية لله، ونسبه إلى نفسه: ﴿عَبۡدَنَا﴾.
لأن
العبودية على نوعين:
عبودية
عامة لجميع الخلق، كلهم عباد الله: المؤمن والكافر،
والبَر والفاجر ﴿إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ
ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا﴾
[مريم: 93].
أما
العبودية الخاصة، فهي عبودية الإيمان بالله عز وجل.
فنوح
عليه السلام عبد الله، بمعنى العبودية الخاصة، ﴿فَكَذَّبُواْ
عَبۡدَنَا﴾، كما قال في الآية الأخرى: ﴿إِنَّهُۥ كَانَ
عَبۡدٗا شَكُورٗا﴾ [الإسراء:
3]، صلى الله عليه وسلم.
وإضافته
إلى الله إضافة تشريف وتكريم. أما إضافة بقية العالَم من الكفار، فهي إضافة خلق
وإيجاد.
﴿وَقَالُواْ
مَجۡنُونٞ﴾فأكملُ خَلْق الله عقلاً
قالوا عنه: إنه مجنون. كما قالوا في محمد: إنه ساحر، إنه مجنون، إنه كاهن، إنه
كذاب... إلى آخر ما يقولون. والمجنون: هو الذي يخالطه الجني، فيخبله ويتكلم بكلام
غير معقول.