يعني:
مستديم لم ينقطع. وقيل: مستمر من المرارة، أي: شديد المرارة، ﴿تَنزِعُ
ٱلنَّاسَ﴾، ترفعهم إلى السماء، ثم
تردهم رءوسهم إلى الأرض ([1]).
﴿فَكَيۡفَ كَانَ
عَذَابِي وَنُذُرِ﴾، كيف كان
هذا العذاب من الشدة والقوة والاستئصال؟! إنه عذاب لا يقاس ولا تدركه العقول!
فهذا
تهويل لهذا العذاب، وهذا عاقبة مخالفة النُّذُر التي جاءتهم من الله سبحانه وتعالى.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَلَقَدۡ
يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ﴾، سبق تفسير هذه الآية، وكررها الله عز وجل بعد كل قصة
في هذه السورة؛ للتنويه بهذا القرآن العظيم الذي هو أكبر معجزة لنبينا محمد صلى
الله عليه وسلم، وهو الآية الباقية، المعجزة الباقية، المستمرة.
ثم
ذَكَر الأمة الثالثة، وهم ثمود.
وثمود:
قبيلة كانت تسكن في أرض الحِجر شمالي الحجاز، على طريق الذاهب إلى الشام. وكانت
بلادًا زراعية وخصبة، فيها المياه، وفيها الزروع والنخيل. فهذه القبيلة اغترت
بنعمة الله عليها وبقوتها، وأشركوا بالله عز وجل، فبعث الله إليهم نبيه صالحًا
عليه السلام، فدعاهم إلى الله، وحَذَّرهم من الشرك، وأَمَرهم بإفراد الله
بالعبادة.
لكن
﴿كَذَّبَتۡ
ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ﴾ يعني:
بالرسل. لأن مَن كَذَّب رسولاً واحدًا، فقد كَذَّب المرسلين كلهم.
﴿فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٗا مِّنَّا وَٰحِدٗا نَّتَّبِعُهُۥٓ﴾ هذا من السخرية والاستهزاء بنبي الله صالح، يريدون أن يأتيهم مَلَك من السماء.
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 98)، والقرطبي (17/ 137)، وابن كثير (4/ 265).