﴿إِنَّآ
أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ حَاصِبًا إِلَّآ ءَالَ لُوطٖۖ نَّجَّيۡنَٰهُم بِسَحَرٖ﴾، أنذرهم لوط عليه السلام من هذه الجريمة ﴿إِنَّآ
أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ﴾،
ذكر الله عقوبتهم لما كذبوه: ﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ حَاصِبًا﴾، والحاصب هو الحجارة التي أمطرها الله عليهم ([1])،
﴿حِجَارَةٗ مِّن
سِجِّيلٍ﴾ [الحجر: 74] أي: من النار.
﴿إِلَّآ ءَالَ
لُوطٖۖ نَّجَّيۡنَٰهُم بِسَحَرٖ﴾
وقت السَّحَر، السَّحَر آخِر الليل، أَمَره الله أن يسري بأهله في آخر الليل؛
فرارًا من العذاب الذي سينزل بهم.
﴿نِّعۡمَةٗ
مِّنۡ عِندِنَاۚ﴾، أي:
أنجيناهم إنعامًا منا عليهم ﴿كَذَٰلِكَ نَجۡزِي مَن شَكَرَ﴾
[القمر: 35]، فمَن شَكَر الله عز وجل فإن الله ينجيه، ﴿ثُمَّ نُنَجِّي
رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [يونس: 103].
ثم
ذَكَر أنهم استمروا في عنادهم إلى آخر لحظة؛ لأن الله عز وجل أرسل الملائكة
لإهلاكهم، فمروا على إبراهيم عليه السلام، فظنهم ضيوفًا، فقَدَّم لهم الضيافة، لم
يأكلوا، ثم أخبروه بمهمتهم، ثم إنه عليه السلام جادلهم في قوم لوط؛ لأن إبراهيم
عليه السلام أواه حليم، ﴿قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطٗاۚ قَالُواْ نَحۡنُ أَعۡلَمُ
بِمَن فِيهَاۖ لَنُنَجِّيَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥٓ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ﴾ [العنكبوت: 32].
ثم
ذهبوا إلى لوط عليه السلام، ﴿وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ﴾ [هود: 77]؛ لأن قومه كلهم قد كذبوه، فماذا يعمل، ﴿وَضَاقَ بِهِمۡ
ذَرۡعٗا وَقَالَ هَٰذَا يَوۡمٌ عَصِيبٞ﴾
[هود: 77]؛ لأنه ظنهم أنهم ضيوف أيضًا، وقد ألقى الله عليهم الجمال، وكانوا
شبابًا، وفيهم جمال عظيم؛ فتنة لهذه الأمة!
فأرسلت امرأته إلى هؤلاء تخبرهم بهؤلاء الرجال الذين جاءوا إلى لوط، وأنهم في غاية الجمال! تغريهم، فجاءوا يريدون الفاحشة بهم، وهذا من الإملاء والإمهال والاستدراج!! جاءوا إلى لوط،
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 104)، وتفسير القرطبي (17/ 143)، وتفسير ابن كثير (4/ 266).