هذا
سؤال ثانٍ. أو أن عندكم عهد من الله ألاَّ يعذبكم؟!، كَتَبه في الكتب السابقة أنه
لا يعذبكم؟
وسؤال
ثالث: ﴿أَمۡ
يَقُولُونَ نَحۡنُ جَمِيعٞ مُّنتَصِرٞ﴾
ما أحد يهزمنا أبدًا.
قال
الله عز وجل: ﴿سَيُهۡزَمُ
ٱلۡجَمۡعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ﴾
هذا وَعْد الله. وهذه السورة مكية، وهم في إبان قوتهم وجبروتهم أخبر أنهم
سينهزمون.
كما
حصل في يوم بدر، حينما خرجوا بقَضِّهم وقَضيضهم ورؤسائهم وجبروتهم، يريدون بذلك
إظهار عزتهم وقوتهم، خرجوا أَشَرًا وبطرًا ورئاء الناس ليفتخروا بقوتهم!
والمسلمون
عدد قليل، وليس معهم قوة تعادل قوة قريش، لا بالعدد ولا في المَدد، ثلاثمائة وبضعة
عشر، وهم يَزيدون على الألف!
التقَوْا
في بدر، فمَكّن الله المسلمين من رقابهم، فقَتَلوا سبعين من جبابرتهم ورؤساءهم،
قَتَلوا منهم سبعين من رؤسائهم، وأَسَروا منهم سبعين، وظَفِروا بما معهم من
الأموال والمتاع، وغنموه، ورجع المسلمون منتصرين، ورجع الكفار منهزمين، ومقتولاً
رؤساؤهم وكبراؤهم، فوقع ما أخبر الله به عز وجل، وتحقق وَعْد الله عز وجل في وقعة
بدر، التي سماها الله: «يوم الفرقان» لأن الله فَرَّق بها بين الحق والباطل.
وهي أول وقعة في الإسلام، طار ذكرها في الآفاق، وانتشر خبرها في القبائل، وأعز الله بها الإسلام والمسلمين، الذين كانوا في مكة مستضعفين ومستذلين ومقهورين ([1]).
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 108)، وتفسير القرطبي (17/ 145)، وتفسير ابن كثير (4/ 267).