×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

وقيل: «في سعر» يعني: في الآخرة، وذلك في النار؛ لأن النار هي السعير.

﴿يَوۡمَ يُسۡحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ، هذا ما ينتظرهم.

ويقال لهم: ﴿ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ، أي: النار. مسها أي: لهبها وحرارتها. ذوقوا هذا - والعياذ بالله -، من باب التوبيخ لهم، زيادة إهانة لهم ([1]).

ثم قال الله عز وجل مبينًا أن كل ما يَجري في هذا الكون - من كفر وإيمان، ومن نصر وهزيمة، ومن نعمة ونقمة، ومن مرض وصحة، ومن غِنى وفقر - كله بقضاء الله وقدره، فقال: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ [القمر: 49].

لأن الله قَدَّر مقادير الخلائق، وكتبها في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما صح ذلك في الأحاديث ([2])، فهو عَلِم سبحانه وتعالى ما كان وما يكون، ثم كتب ذلك في اللوح المحفوظ بالقلم الذي قال له: اكتب. فكَتَب ما يكون إلى يوم القيامة ([3]).

فهذه الآية من أدلة أهل السُّنة على القَدَرية الذين ينفون القدر؛ لأنها تدل على أن كل شيء فهو بقَدَر، قَدَّره الله سبحانه وتعالى، وما قَدَّره الله فلابد من وقوعه.

وهذا كما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا [الفرقان: 2].


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري (27/ 110)، وزاد المسير (8/ 101)، وتفسير القرطبي (17/ 147).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2653).

([3])  أخرجه: أبو داود رقم (2155)، والترمذي رقم (3319)، وأحمد رقم (22705).