﴿فَهَلۡ مِن
مُّدَّكِرٖ﴾، هل من متذكر منكم، مزدجر،
متعظ بما جرى لمن سبقكم؟ ([1]).
﴿وَكُلُّ شَيۡءٖ
فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ﴾
[القمر: 52]، هذا مِثل قوله: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ﴾ [القمر: 49]، كل شيء فعله العباد، فإنه مكتوب في
الزُّبُر، يعني: في اللوح المحفوظ.
وقيل:
في صحائف الملائكة التي تسجل عليهم.
ولا
مانع من هذا وهذا. فما فعلوه فهو في اللوح المحفوظ، وهو مُحصى عليهم في الزُّبُر،
وهي الكتب التي بأيدي الحفظة، ويُحاسَبون عليها يوم القيامة، ما تضيع أو تذهب ([2]).
﴿وَكُلُّ
صَغِيرٖ﴾ من الأمور، ﴿وَكَبِيرٖ﴾ من الأمور، ﴿مُّسۡتَطَرٌ﴾
يعني: مكتوب في اللوح المحفوظ، أو في صحائف الملائكة، أو فيهما جميعًا.
ولهذا
يقولون يوم القيامة إذا عُرِض الكتاب: ﴿يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ
صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ﴾
[الكهف: 49].
ولما
انتهى من توبيخ هؤلاء المشركين المكذبين، ثم ذَكَر حال المؤمنين الذين لم يأخذهم
الكِبْر والجهل والأَنَفة، فاستجابوا للرسول صلى الله عليه وسلم وأطاعوه وانقادوا له،
وآمنوا به؛ قال: ﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ﴾ [القمر: 54].
هؤلاء يُسحبون في النار على وجوههم، وهؤلاء في جنات!! جَمْع جنة: وهي البستان الملتف بالأشجار والخضرة والمناظر الجميلة والثمار الشهية.
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 112)، وتفسير القرطبي (17/ 149)، وتفسير ابن كثير (4/ 269).