ونَصَّ
على الشمس والقمر؛ لِما فيهما من عظيم المنافع من بين سائر الكواكب.
والشمس
سراج يضيء الكون. والقمر نور يضيء الكون - أيضًا -. وفي ضوء الشمس والقمر مصالح
للنباتات وللعباد، وبهما يُعْرَف الليل والنهار، فلو لم يكن هناك شمس ولا قمر
لَمَا عَرَف الناس الليل والنهار ([1]).
﴿وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ
وَٱلنَّهَارَ ءَايَتَيۡنِۖ فَمَحَوۡنَآ ءَايَةَ ٱلَّيۡلِ وَجَعَلۡنَآ ءَايَةَ ٱلنَّهَارِ
مُبۡصِرَةٗ لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡ وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ
وَٱلۡحِسَابَۚ وَكُلَّ شَيۡءٖ فَصَّلۡنَٰهُ تَفۡصِيلٗا﴾
[الإسراء: 12].
فقوله:﴿بِحُسۡبَانٖ﴾
أي: يُعْرَف بهما حساب السنة: الشهور، والسنين، وبذلك تنتظم مصالح العباد
ومواقيتهم، من سَير الشمس ومن سير القمر، وتكون السنة الشمسية والسنة القمرية.
فالله
سبحانه وتعالى جَعَل في السماء بروجًا تنزلها الشمس، برجًا بعد برج، وهي: اثنا عشر
برجًا، تستكملها الشمس في استكمال السنة. والقمر منازل، كل ليلة ينزل في منزلة،
وهي: ثمانٍ وعِشرون، وليلة تسع وعشرين وثلاثين يستسر القمر، وتسمى ليالي
الاستسرار، ثم يُهِل. فهذه منازل القمر ([2]).
﴿وَٱلۡقَمَرَ
قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ﴾
[يس: 39]، كل ليلة في منزلة، فالقمر يقطع في شهر ما تقطعه الشمس في سنة في هذه
المنازل.
هذا هو المشهور في تفسير الآية: أن الله جعل الشمس والقمر لمصالح عظيمة، ومنها: الحساب، ﴿وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ وَكُلَّ شَيۡءٖ فَصَّلۡنَٰهُ تَفۡصِيلٗا﴾ [الإسراء: 12]، ولا يختلف الحساب، ولا يتغير ([3])،