×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ولهذا قال عز وجل: ﴿وَكَثِيرٞ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ [الحج: 18]، فلم يَستثنِ في الشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب؛ لأنها كلها تسجد لله عز وجل سجود انقياد وخضوع. والإنسان منه مَن يسجد طاعة لله وتعبدًا، ومنهم مَن لا يسجد هذا السجود، وهم كثيرون، ﴿وَكَثِيرٞ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيۡهِ ٱلۡعَذَابُۗ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ [الحج: 18].

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا، مِن نِعَم الله خَلْق السماوات والأرض! فالأرض فراش ومهاد للإنسان، والسماء سقف محفوظ.

﴿وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا، بقدرته سبحانه وتعالى ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ [الرعد: 2]، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُمۡسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ [فاطر: 41]، فهو الذي يُمسك السماوات والأرض بقدرته سبحانه وتعالى، هذا الرفع رفع بعيد، ما بين الأرض والسماء الدنيا خَمسمِائة عام كما في الحديث ([1])؛ ولهذا قال: ﴿رَفَعَهَا.

﴿وَوَضَعَ ٱلۡمِيزَانَ، أي: أَمَر بالعدل في المكاييل والموازين، وإعطاء الناس حقوقهم من غير بخس وبالعدل في القول: ﴿وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۖ [الأنعام: 152]، وبالعدل في الحُكْم ﴿وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ [النساء: 58]، وبالعدل بين الزوجات: ﴿فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تَعۡدِلُواْ فَوَٰحِدَةً [النساء: 3]، وبالعدل بين الأولاد، كما في الحديث: «فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ» ([2]). فالعدل مطلوب في كل شيء، وضده الجَوْر والظلم، وهو حرام ومنهي عنه ([3]).


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3298)، وأحمد رقم (8828)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) رقم (578).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2587).

([3])  أخرجه: مسلم رقم (55).