﴿وَٱلۡأَرۡضَ
وَضَعَهَا﴾ [الرحمن: 10]، لما ذَكَر عز
وجل أنه رَفَع السماء، ذَكَر أنه وَضَع الأرض وجعلها على الماء ليعيش الناس عليها،
وثبتها بالجبال الرواسي حتى لا تميد بأهلها، وحتى يتمكنوا من العيش على ظهرها ومن
استغلال خيراتها.
﴿لِلۡأَنَامِ﴾، أي: للخَلْق. فالمراد بالأنام: الخَلْق، وليس هذا
خاصًّا بالإنسان، بل كل المخلوقات التي تعيش على وجه الأرض، من إنسان وغيره من
الحيوانات.
فالله
عز وجل مَهَّد لهم الأرض وبَسَطها، وجَعَل فيها منافع العباد، يزرعون ويأكلون،
وأودع فيها المعادن التي يستخرجونها وينتفعون بها، ﴿وَقَدَّرَ
فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا﴾ [فصلت:
10].
فهذه
الأرض وما فيها من آيات الله ومن عجائب مخلوقاته.
ثم
ذَكَر ما تخرجه الأرض من الفواكه ومن النباتات، فقال سبحانه وتعالى: ﴿فِيهَا فَٰكِهَةٞ﴾ [الرحمن: 11]، وهي ما يَتفكه الإنسان ويتلذذ به من
أنواع الفواكه المختلفة في الطعوم والروائح، والألوان، يترفهون بها ويتلذذون ([1])،
وهناك فواكه من الزيتون والرمان والأعناب... وغير ذلك من أصناف الفواكه، التي لا
يعلمها إلاَّ الله عز وجل.
ثم ذَكَر النخل وخصها بالذكر لعِظَم المنة بها، فقال: ﴿وَٱلنَّخۡلُ ذَاتُ ٱلۡأَكۡمَامِ﴾ [الرحمن: 11]، ﴿ٱلۡأَكۡمَامِ﴾: الطلع المكموم بالغلاف الذي يتفتح عنه غلافه، ثم يُؤَبَّر، ثم يتنامى إلى أن ينضج، ويكون رُطَبًا وتمرًا يتغذى به الناس ويتفكهون به ([2]). وقيل: المراد بالأكمام: الليف الذي تلتف به النخلة. ولكن المشهور: القول الأول.
([1]) انظر: مادة (فكه) في مقاييس اللغة (4/ 446)، ولسان العرب (13/ 523).