ثم
قال: ﴿يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ
وَٱلۡإِنسِ﴾، الإنس: بنو آدم، آدم أبو
البشرية، وإبليس أبو الجن.
﴿إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ
أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ﴾، هذا تعجيز لهم، بأنهم وإن تمردوا عليه في الدنيا،
وخالفوا أمره وعَصَوه، فإنهم في الآخرة لن يفْلُتوا من الحساب ومن المجازاة، ولن
يمكنهم الهرب من الله سبحانه وتعالى، فليعملوا ما شاءوا فإنهم سيلاقون عملهم!!
﴿إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ
أَن تَنفُذُواْ﴾، أي: تَخرجوا ﴿مِنۡ أَقۡطَارِ
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْ﴾،
لا يمكن أن يَخرج أحد من ملكوت الله سبحانه وتعالى.
هذا
في يوم القيامة، إذا جَمَع الله الأولين والآخِرين، وأحاطت بهم الملائكة صفوفًا،
فلا منفذ لأحدهم ولا مهرب، ﴿فَٱنفُذُواْ﴾،
هذا أمر تعجيز.
ثم
قال: ﴿لَا تَنفُذُونَ
إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ﴾، إلاَّ
بقوة تَغلب قوة الله عز وجل. وهذا مستحيل!!
فإذا
كنتَ يوم القيامة في المحشر، فلن تستطيع أن تهرب وأن تَخرج من مُلك الله عز وجل.
فكيف تعصيه في هذه الدنيا؟ هل تظن أنك ستُفلت يوم القيامة؟ هل تظن أنك ستبقى ولا
تموت؟ هل تظن أنك ستُترك ولا تحاسب؟ فَكِّر أيها الإنسان العاقل في هذا الأمر.
فتَذَكَّرْ هذا أيها الإنسان: أنك ستلاقي عملك، ولا يغيب منه شيء، كل ما عَمِلته في الدنيا فإنك ستلاقيه، وإذا كان عملاً سيئًا فلن تتخلص منه ولن تهرب منه، فهو ملازم لك، ﴿وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ١٣ ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا ١٤ مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولٗا ١٥﴾ [الإسراء: 13- 15].