×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، لا أحد يُكذب بهذه النعمة ويجحدها، أو ينسبها إلى غير الله سبحانه وتعالى.

فهذا تقرير للتوحيد، وإفراد الله بالعبادة سبحانه وتعالى، فإذا كان لا يَقدر على هذا إلاَّ الله، فإنه هو المستحق للعبادة، وأن ما يُعْبَد من دونه فإن عبادته باطلة؛ لأنه لا يملك شيئًا من ذلك ولا يَقدر على شيء، بل هو محتاج فقير!

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَهُ ٱلۡجَوَارِ ٱلۡمُنشَ‍َٔاتُ فِي ٱلۡبَحۡرِ كَٱلۡأَعۡلَٰمِ [الرحمن: 24]، ﴿ٱلۡجَوَارِ أصلها «الجواري» بالياء، وحُذفت الياء تخفيفًا. و«الجواري» هي: السفن التي تجري في البحر ([1]).

فقوله: ﴿وَلَهُ ٱلۡجَوَارِ وَلَهُ الْجَوَارِي، أي: في مُلكه سبحانه وتعالى، ﴿ٱلۡمُنشَ‍َٔاتُ فِي ٱلۡبَحۡرِ، أي: المرفوعات في البحار، ﴿كَٱلۡأَعۡلَٰمِ، تكون أمثال الجبال في الارتفاع والضخامة، ولا تغوص في الماء؛ لأن الله عز وجل يَحملها، وهذا من آيات الله سبحانه وتعالى !!

فهذه المراكب على ضخامتها تسير على الماء وتقف عليه، ولا تغوص، ﴿إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ [الشورى: 33].

هذا من آيات الله عز وجل، ولو شاء أغرقها! ولهذا أحيانًا يرسل الله عليها الأمواج والرياح، فتغرق؛ ليُرِي العباد قدرته سبحانه وتعالى ونعمته عليهم.

﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ [الإسراء: 67].

﴿هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا كُنتُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ، الفلك هي: السفينة، ﴿وَجَرَيۡنَ بِهِم بِرِيحٖ طَيِّبَةٖ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتۡهَا رِيحٌ عَاصِفٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡمَوۡجُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ أُحِيطَ بِهِمۡ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنۡ أَنجَيۡتَنَا


الشرح

([1])  انظر: تفسير ابن كثير (7/ 456)، وتفسير القرطبي (15/ 136).