لهذا ذَكَّر عباده بهذه
النعمة وقررهم بها، والمطلوب أن يشكروا الله عليها بدل أن يُكذبوا بها، هل الأصنام
والأموات، وهل المعبودون من دون الله - يستطيعون أن يُسيروا هذه المراكب الهائلة
في البحار؟ ويَهدوها الطريق في بحر ليس فيه علامات ولا جبال ولا طرق؟! بحر متلاطم،
ومع هذا سَخَّر الله للعباد وسائل يهتدون بها في السماء وفي الأرض، ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ﴾ [الأنعام: 97].
ثم
قال سبحانه وتعالى مبينًا نهاية هذا العالم وأنه لن يستمر، وأن هذه الدنيا إنما
خُلقت لأجل العمل لدارٍ بَعدها، ونهاية هذه الدار هي الموت، الذي ينتقل به العباد
إلى الدار الآخرة، قال سبحانه وتعالى: ﴿كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ﴾،
أي: على هذه الأرض. والمراد: خطاب العقلاء من بني آدم، من الثقلين: الجن والإنس، ﴿﴾ميت،
من الإنسان والحيوان، وكل ما فيها، حتى المباني والقصور تَفنى، والمصنوعات تخرب
وتفنى، فلا يبقى شيء في هذه الدنيا.
﴿وَيَبۡقَىٰ
وَجۡهُ رَبِّكَ﴾، لا يبقى إلاَّ الله سبحانه
وتعالى، فله البقاء الدائم، وهو الحي الذي لا يموت، ﴿وَتَوَكَّلۡ
عَلَى ٱلۡحَيِّ ٱلَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِهِۦۚ﴾ [الفرقان: 58]، ولا تتوكل على الحي الذي يموت من الجن
والإنس أو الأولياء والصالحين... وغير ذلك. ﴿وَيَبۡقَىٰ
وَجۡهُ رَبِّكَ﴾، كما في الآية الأخرى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ
هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ﴾
[القصص: 88].
والوجه صفة من صفات الله الذاتية، فله وجهٌ سبحانه وتعالى يليق بجلاله وعظمته.