وحتى
الذين يعبدون غير الله، يريدون أن يجعلوهم وسائط في قضاء حوائجهم، فالسؤال كله لله
عز وجل، ولكن هؤلاء غلطوا، فجعلوا بينهم وبين الله وسائط، والله لا يحتاج إلى
وسائط، فهو يسمع ويجيب عز وجل، ويريد أن يُعْطِي عباده إذا سألوه، ولا يليق به أن
يَجعل وسائط بينهم وبينه.
أما
إذا عبدوا هذه الوسائط، وظنوا أن عبادتها تقربهم إلى الله؛ فهذا هو الشرك الأكبر،
قال تعالى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾
[يونس: 18]، وقالوا: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا
نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ﴾ [الزمر: 3].
فالله
عز وجل يُسأل مباشرة بدون واسطة أحد. وإذا طلبت من أحد الصالحين الأحياء أن يدعو
الله لك فلا مانع. وكونك تدعو الله أنت أفضل وأحسن. أما أن تدعو ميتًا أو غائبًا
أو جنيًّا، فهذا شرك بالله عز وجل.
﴿كُلَّ يَوۡمٍ﴾، أي: كل وقت ﴿هُوَ فِي شَأۡنٖ﴾،
من شئون خلقه المتنوعة المتعددة المتكررة. ومِن شئون مُلكه عز وجل: يَخلق، ويرزق،
ويحيي، ويميت، ويجيب دعاء الداعين - على اختلاف حاجاتهم، وتنوع لغاتهم، واختلاف
أماكنهم -.
مَن في السماوات والأرض كلهم يَسألون الله، كم في السماوات والأرض؟ لا يعلمهم إلاَّ الله، وكل واحد له حاجة تختلف عن الآخَر، وربما يسألونه في وقت واحد، بلغات مختلفة، وحاجات متنوعة، وكلها يسمعها الله عز وجل، ويجيبها، ويجيب ما يشاء منها. هذا دليل على عظمته سبحانه وتعالى، ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [النحل: 60].