أما الحور العين فإنهن
قَصَرن نظرهن على أزواجهن، ولا يطمعن ولا يطمحن إلى غيرهم؛ لأنهن قد رَضِين بهم
تمام الرضا.
﴿لَمۡ
يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ﴾،
أي: لم يطأهن ويفتض بكارتهن أحد قبلهم، خلاف نساء الدنيا، فإنها غير مأمونة. أما
نساء الجنة فإنها محفوظة بكارتها ولذتها، لا يفتضها إلاَّ زوجها.
وهذا
دليل على: أن الجنة يكون فيها جن مثل ما كانوا في الدنيا،
المؤمنون من الجن يكونون في الجنة، والكافرون من الجن يكونون في النار.
﴿فَبِأَيِّ
ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
[الرحمن: 57]، هذه الأزواج الحسان القريرات أعينهن بأزواجهن، لا يطمحن ولا يطمعن
في غيرهم، ولا ينظرن إلى غيرهم؛ اقتناعًا واستئناسًا بهم، ولا يجدن خيرًا منهم،
فهي من نعم الله وآلائه!!
ثم
وَصَفهن وصفًا آخر فقال: ﴿كَأَنَّهُنَّ ٱلۡيَاقُوتُ وَٱلۡمَرۡجَانُ﴾، كأنهن في صفاء وحسن ألوانهن الياقوت، وهو: الحجارة
النفيسة صافية اللون. والمَرجان الذي هو الدُّر الجميل.
فهن
حِسان الوجوه، بياض مع حمرة في صفاء، مثل صفاء الياقوت والمرجان. فهذه ألوان نساء
أهل الجنة.
ثم
هن لا يتغيرن، ولا يَهرمن، ولا يكبرن، ولا يمرضن، دائمًا وأبدًا هن كذلك ([1]).
﴿فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا﴾بأي نِعَم الله أيها الجن والإنس، ﴿تُكَذِّبَانِ﴾، هل أحد يُكذب بهذه النعمة التي ذكرها الله عز وجل في الجنة؛ جزاءً لعباده المؤمنين؟!
([1]) انظر: تفسير الطبري (23/ 66- 67)، وزاد المسير (4/ 214)، وتفسير ابن كثير (7/ 465).