ثم
قال عز وجل: ﴿هَلۡ﴾: بمعنى «ليس»، أي: ليس جزاء الإحسان إلاَّ الإحسان ([1])،
فهم لما أحسنوا العمل أحسن الله لهم الجزاء.
لأن
الجزاء من جنس العمل: فكما أن الكفار الذين كفروا بالله،
وعَصَوْا رسله - صار جزاؤهم العذاب والغضب من الله سبحانه وتعالى. فالمؤمنون لما
أحسنوا في طاعة الله عز وجل، أحسن الله لهم الجزاء. فهذا عَدْل وتَفَضُّل منه
سبحانه وتعالى، حيث إنه لا يضيع أجر المحسنين، ﴿إِنَّا لَا
نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا﴾
[الكهف: 30].
ثم
قال: ﴿فَبِأَيِّ ءَالَآءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾،
فهذا من نعم الله سبحانه وتعالى، أنه لا يضيع أجر المحسنين، بل يجازيهم بالإحسان
الذي لا يَعلم كنهه ووَصْفه إلاَّ هو سبحانه وتعالى.
فهذه
آيات عظيمة في وصف الجنة وما فيها، ووَصْف نساء أهل الجنة وجمالهن. هذه آيات عظيمة
تُرغِّب وتُشوِّق إلى الجنة!!
وهذه
الجنة لا تُنال بالتمني ولا بالانتساب. وإنما تُنال بفضل الله سبحانه وتعالى، الذي
سببه العمل الصالح.
فالذي
يريد الجنة يُحْسِن العمل. أما الذي يتمنى أن يكون من أهل الجنة ولا يعمل، فالتمني
لا يفيده شيئًا؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ
وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا
وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ» ([2]).
«الكَيِّسُ» أي: العاقل، «مَنْ دَانَ نَفْسَهُ»، أي: حاسبها، «وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ». فالعاقل هو الذي يحاسب نفسه دائمًا، وينظر في أعماله، ويتذكر الموت فيعمل لما بعده.
([1]) انظر: زاد المسير (4/ 214)، وتفسير القرطبي (17/ 182).