والقول الآخَر:
أن يوم القيامة أحوال، تارة يُسألون ويحاسبون ويناقشون، وتارة لا ينطقون ولا
يتكلمون. فهذا يراد به هذه الحالة، أنه يأتي عليهم وقت لا يتكلمون ولا ينطقون ([1]).
وكيف
يُعْرَفون؟ ﴿يُعۡرَفُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ
بِسِيمَٰهُمۡ﴾، تظهر عليهم علامات
يُعْرَفون بها أنهم مجرمون، ولا يُحتاج إلى سؤال، كسواد الوجوه - والعياذ بالله -
والمناظر السيئة المحزنة، ويَظهر على مُحَيَّاهم وعلى ملامحهم أنهم مجرمون.
كما
أن المؤمنين يُعْرَفون - أيضًا - بسيماهم، ﴿سِيمَاهُمۡ فِي
وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ﴾
[الفتح: 29]، فيُبعثون يوم القيامة غُرًّا مُحجَّلين من أثر الوضوء، فيُعْرَفون
بسيماهم الطيبة وملامحهم الكريمة ([2]).
﴿فَيُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي
وَٱلۡأَقۡدَامِ﴾، تأخذهم الملائكة أخذ إهانة
وقوة.
وإنما
يُجْمَع بين نواصيهم - وهي: مُقَدَّم رءوسهم - وأقدامهم، فتُجمع النواصي والأقدام
فيكون هذا تعذيبًا لهم - والعياذ بالله -، ويُطرحون في النار، تأخذهم الملائكة على
هذه الصفة المروعة!!
﴿فَبِأَيِّ
ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾،
هذا من نِعَم الله عز وجل، مجازاة المجرمين، فلا يتركهم بدون جزاء وبدون حساب،
ويهملهم، ﴿أَفَحَسِبۡتُمۡ
أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ﴾، [المؤمنون: 115].
ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿هَٰذِهِۦ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ﴾ [الرحمن: 43]، تأتي النار يوم القيامة، تَحضر ويراها هؤلاء المجرمون، وتستعر وتتوقد، ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ﴾ [الملك: 8]، يرونها مُعايَنة، ويقال لهم:
([1]) انظر: زاد المسير (2/ 545)، وتفسير القرطبي (10/ 61).