﴿هَٰذِهِۦ
جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ﴾
[الرحمن: 43]، في الدنيا يقولون: ليس هناك نار ولا جنة، ولا بعث، ولا نشور، ولا
جزاء ولا حساب، ﴿إِنۡ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ
وَنَحۡيَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِينَ﴾
[المؤمنون: 37].
ففي
يوم القيامة تَظهر أمامهم عِيانًا زيادة في حسرتهم وتعذيبهم، ﴿وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ
ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ يَجِدُواْ عَنۡهَا مَصۡرِفٗا﴾ [الكهف: 53]، ﴿ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ
أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ
تَعۡمَلُونَ﴾ [الطور: 16]. توبيخًا لهم.
﴿يَطُوفُونَ
بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ﴾
[الرحمن: 44]، أي: يترددون بين سعيرها وحرها وعذابها، وبين ماء حميم، يُسْقَون منه
- والعياذ بالله -، حينما يحتاجون إلى الشراب يُسْقَون من الحميم، وهو: الماء
الحار ﴿وَسُقُواْ
مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ﴾
[محمد: 15]، - والعياذ بالله.
فهم
ما بين سعير ولهب وعذاب، وبين شراب حميم، ﴿وَإِن
يَسۡتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٖ كَٱلۡمُهۡلِ﴾
[الكهف: 29]، أي: كالفضة المذابة من شدة حره.
﴿حَمِيمٍ ءَانٖ﴾، أي: شديد الحرارة، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿تُسۡقَىٰ مِنۡ
عَيۡنٍ ءَانِيَةٖ﴾ [الغاشية:
5]، أي: حارة شديدة الحرارة. فهذان وصفان له: أنه حميم، وأنه آنٍ ([1])،
أي: شديد الحرارة. فهذا فيه جزاء هؤلاء المجرمين.
﴿فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: 45]، أيها الجن والإنس؟ فهذا فيه نعمة، وهو من الآلاء؛ لأنه جزاء وليس ظلمًا لهم، وإنما هو جزاء وعدل، ولم يظلمهم الله سبحانه وتعالى ! وهذا من نعمه، أنه لا يَظلم أحدًا، بل يجازي كلًّا بعمله، إِنْ خيرًا فخير، وإِنْ شرًّا فشر.
([1]) انظر مقاييس اللغة (1/ 143)، وتاج العروس (37/ 108)، ولسان العرب (14/ 48).