فمَن
خاف هذا المقام واستعد له في الدنيا، فإنه يكون من أهل الجنة، ﴿وَأَمَّا مَنۡ
خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ ٤٠ فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ ٤١﴾ [النازعات: 40- 41].
وليس
هناك قسم ثالث، بل إما جنة وإما نار، فانظر إلى أيهما تصير، وإنما ذلك بأعمالك،
فأعمالك هي التي إما أن توردك النار وإما أن توردك الجنة.
﴿وَلِمَنۡ خَافَ
مَقَامَ رَبِّهِۦ جَنَّتَانِ﴾
[الرحمن: 46]، ليست جنة واحدة، بل هما جنتان، مُنوَّع فيهما من النعيم والسرور
والحبور ما لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى، جنة النعيم، وجنة عدن، جنان كثيرة،
ودرجات عظيمة، ومنازل لا يعلمها إلاَّ الله سبحانه وتعالى.
﴿فَبِأَيِّ
ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
[الرحمن: 47]، لما ذَكَر الجنة وذَكَر النار، عَدَّ هذا من نعمه سبحانه وتعالى على
عباده، حيث لم يأتهم الأمر عن جهل فيقولوا: «ما عَلِمنا أننا سنلاقي هذا!!» فهو
مُبيَّن لهم في الدنيا، ومُفصَّل لهم في الدنيا، كأنهم يشاهدونه.
فالجنان
من آلاء الله ونعمه سبحانه وتعالى.
﴿ذَوَاتَآ﴾: تثنية ذات، أي: صاحبتا. تقول: ذو كذا، أي: صاحب كذا.
صاحب الحوت: ذو النون. والنون هو الحوت. فـ«ذات» بمعنى صاحبة.
﴿أَفۡنَانٖ﴾، جمع «فَنَن»، وهو الغصن. أي: فيها أغصان الأشجار المثمرة، كل غصن محمل بالثمار الطيبة النضيجة. وقيل: أنواع من النعيم من الفواكه مختلفة الطعوم والروائح، فهي أفنان، أي: فنون كثيرة ([1]).
([1]) انظر: تفسير الطبري (23/ 59)، وتفسير ابن كثير (7/ 502)، وتفسير القرطبي (17/ 178).