﴿فَبِأَيِّ ءَالَآءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
[الرحمن: 49]، فما أَعَد الله في الجنة فهو من نعمه سبحانه وتعالى التي يجب أن
يُشكر عليها.
﴿فِيهِمَا
عَيۡنَانِ تَجۡرِيَانِ﴾
[الرحمن: 50]، لا تنضبان أبدًا، دائمًا تجريان بالماء العذب الزُّلال؛ لأن أهل
الجنان يحتاجون إلى ماء؛ ولأن الأشجار تحتاج إلى ماء، وجَعَل الله عز وجل في هاتين
الجنتين عينين تجريان دائمًا. وإذا اجتمعت بهجة النظر إلى الأشجار والثمار، وبهجة
النظر إلى الماء، تكاملت البهجة، ﴿تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ﴾ [البقرة: 25]، وهي: أنهار متنوعة.
﴿مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ
ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ
وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ
لَّذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ﴾ [محمد: 15].
أما
النار فقال: ﴿يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا
وَبَيۡنَ حَمِيمٍ﴾، ماؤهم
الحميم -والعياذ بالله-.
﴿تَجۡرِيَانِ﴾، لا تيبسان ولا تنضبان، ولا تنقطعان أو تغوران كمياه
الدنيا، بل إنهما دائمًا في جريان، ولا ينفد ما فيهما من الماء.
وتأمل:
﴿تَجۡرِيَانِ﴾ يجري ماؤهما، ولا يكون في مكان محصور ثم يتزاحمون عليهما،
وإنما تجريان للوصول لمنازلهم وقصورهم.
﴿فَبِأَيِّ
ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
لأن هذا من نعم الله سبحانه وتعالى التي يجب أن يُشكر عليها.
﴿فِيهِمَا مِن كُلِّ فَٰكِهَةٖ زَوۡجَانِ﴾ [الرحمن: 52]، أي: صنفان من كل فاكهة، ليست فواكه محدودة، إنما هي من كل فاكهة، وهي ما يُتفكه به وتتلذذ به النفس، ﴿يُطَافُ عَلَيۡهِم بِصِحَافٖ مِّن ذَهَبٖ وَأَكۡوَابٖۖ وَفِيهَا مَا تَشۡتَهِيهِ ٱلۡأَنفُسُ وَتَلَذُّ ٱلۡأَعۡيُنُۖ﴾ [الزخرف: 71]؛ لأن الشكل الواحد ربما يُمَل، وليس في الجنة ملل.